الخبيثة ، إنّي والله ما تقرّن بي الصعبة ولا يقطع لي الشنآن ، ولا أخوّف بالذنب ، هيهات ، حبيت بالساعد الأشد ، أبشروا يا أهل الكوفة بالصغار والهوان ، لا عطاء لكم عندنا ولا رزق ، ولقد هممت أن أضرب بلادكم ودوركم ، وأحرمكم أموالكم ، أما والله ما علوت منبري إلا أسمعتكم ما تكرهون عليه ، فإنّكم أهل بغي وخلاف ، ما منكم إلّا من حارب الله ورسوله إلّا حكيم بن شريك المحاربي ، ولقد سألت أمير المؤمنين أن يأذن لي فيكم ، ولو أذن لقتلت مقاتلتكم ، وسبيت ذراريكم). (١)
وكان زيد بن عليّ بن الحسين عليهماالسلام قد ثار بالكوفة سنة (١٢١) للهجرة ، وقد تسرّع في ثورته ، حيث ضايقه يوسف بن عمر كثيرا ، وقال عند ما ثار : (٢)
شرّده الخوف وأزرى به |
|
كذلك من يكره حرّ الجلاد |
محتفي الرجلين يشكو الوجى |
|
تنكبه أطراف مرو حداد |
وقد كان له في الموت راحة |
|
والموت حتم في رقاب العباد |
فأرسل إليه يوسف بن عمر جيشا لمحاربته ، فوقعت معركة بين الطرفين ، انهزم فيها أصحاب زيد بن عليّ ، وبقي يحارب في جماعة قليلة وهو يقول : (٣)
أذلّ الحياة وعزّ الممات |
|
وكلا أراه طعاما وبيلا |
فإن كان لا بدّ من واحد |
|
فسيري إلى الموت سيرا جميلا |
وأثناء المعركة جاء سهم فأصابه في جبهته ، فجيء إليه بطبيب لينزع السهم فقال الطبيب لزيد : إذا انتزعت السهم فسوف تموت. فقال له زيد :
__________________
(١) تاريخ الطبري. ج ٧ / ١٩١.
(٢) المسعودي ـ مروج الذهب. ج ٣ / ٢٠٦. والبراقي ـ تاريخ الكوفة. ص ٣٣٤.
(٣) المسعودي ـ مروج الذهب. ج ٣ / ٢٠٧. وابن خلكان ـ وفيات الأعيان. ج ٦ / ١١٠.