المؤمنين ، أعيذك بالله أن تحكم أهل الشرك في نفسك وحرمك ، لأنّ الروم لا وفاء لهم ، والرأي عندي : أن تعبر الفرات ، وتذهب إلى الشام ، وتستميل مدنها ، فإنّ لك بكلّ مدينة موالين ، فتضمهم اليك جميعا ، ثمّ تذهب إلى مصر ، فهي أكثر الأرض مالا وخيرا ، وخيلا ، ورجالا ، فتجعل الشام أمامك ، وأفريقيا خلفك ، فإن رأيت ما تحبّ انصرفت إلى الشام ، وإن تك الأخرى اتّسع لك الهرب إلى أفريقيا ، فإنّها أرض واسعة ، منفردة). (١)
وكان إسماعيل القسريّ ، جالسا عند أبي العباس في دولة بني هاشم ، فذّم الأموّيين ، وسبّهم ، فقال حمّاس الشاعر (مولى عثمان بن عفّان) لأبي العباس السفّاح : يا أمير المؤمنين ، أيسبّ بني عمّك ، وعمّاتك ، رجل اجتمع هو والخريث (٢) في نسب واحد؟ إنّ بني أميّة لحمك ودمك فكلهم ، ولا تؤكّلهم (٣) ، فقال له : صدقت ، وسكت إسماعيل ولم يتكلّم.
٨٨ ـ عبد الصمد بن إبان بن النعمان :
هو : عبد الصمد بن إبان بن النعمان بن بشير الأنصاريّ. استخلفه عبد الله بن عمر بن عبد العزيز على إمارة الكوفة سنة (١٢٧) (٤) للهجرة ، وذلك بعد عزل إسماعيل بن عبد الله القسريّ ، ثمّ عزله في نفس السنة ، وولّاها أخاه عاصم بن عبد العزيز.
وقيل : بقي عبد الصمد بن إبان أميرا على الكوفة إلى أن جاء يزيد بن
__________________
(١) الدينوري ـ الأخبار الطوال. ص ٣٦٥.
(٢) الخريث : هو خالد بن عبد الله القسريّ.
(٣) تؤكّلهم : يقصد بذلك : أن تتولى أنت عقوبتهم بنفسك ولا تعهد بذلك إلى غيرك ، على حد قول الشاعر:
فإن كنت مأكولا فكن أنت آكلي |
|
وإلا فأدركني ولمّا أمزق |
(٤) تاريخ الطبري. ج ٧ / ٣٢٠.