يودّ الّذين كفروا وعصوا الرسول لو نسوي بهم الأرض ولا يكتمون الله حديثا). فبكى رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ، وفاضت عيناه بالدموع ، وأشار بيده الكريمة إلى ابن مسعود : (أن حسبك .. حسبك يا ابن مسعود) (١).
واجتمع نفر من الصحابة عند الإمام عليّ بن أبي طالب عليهالسلام فقالوا له : (يا أمير المؤمنين ما رأينا رجلا كان أحسن خلقا ولا أرفق تعليما ، ولا أحسن مجالسة ولا أشدّ ورعا من عبد الله بن مسعود ...).
فقال لهم : (نشدتكم بالله ، أهو صدق من قلوبكم؟ قالوا : نعم.
فقال عليهالسلام : (اللهم إنّي أشهدكم ، .. اللهم إنّي أقول فيه مثل ما قالوا ، أو أفضل ، لقد قرأ القرآن فأحلّ حلاله ، وحرّم حرامه ، فقيه في الدين عالم بالسنّة) (٢).
وعبد الله بن مسعود ، هو وعبد الله بن عبّاس من أوائل المحدثين عن رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ، حيث كان ابن مسعود (بعد وفاة رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم يجلس في مسجد الرسول ويتحدث إلى الناس.
وتمرّ السنون ، وإذا بعبد الله بن مسعود ، يمنع من التحدّث عن رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ، وقال أبو عمرو الشيباني (مسروق) : (كنت أجلس إلى ابن مسعود حولا ، لا يقول : قال رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم : هكذا ، أو نحو ذا ، أو شبه ذا) (٣).
وعند ما ذهب عبد الله بن مسعود مع جماعته من أهل العراق إلى مكّة لأداء العمرة ، وإذا بجنازة مطروحة على الطريق وبجانبها غلام ، فناداهم الغلام هذا أبو ذر الغفاري (٤) صاحب رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم فأعينونا على دفنه ،
__________________
(١) خالد محمّد خالد ـ رجال حول الرسول ج ٢ / ٤٦.
(٢) المصدر السابق. ج ٢ / ٤٩.
(٣) محمّد حسنين هيكل ـ الفاروق عمر. ج ٢ / ٢٨٨.
(٤) أبو ذر : واسمه جندب بن جنادة ، صحابي ، جليل القدر ، ومن المسلمين الأوائل ، دخل المسجد الحرام ونادى بأعلى صوته : أشهد أن لا إله إلّا الله ، وأشهد أن محمّدا رسول الله ، فأحاط به المشركون عند سماعهم