وعند ما أخذ أبو مسلم (١) الخراساني يدعو الناس في خراسان إلى الرضا من آل محمّد ، كتب نصر (٢) بن سيار إلى مروان بن محمّد ، يخبره عن نشاط أبي مسلم ويطلب منه النجدة والعون على محاربته وقال : (٣)
يا أيّها الملك الواني بنصرته |
|
قد آن للأمر أن يأتيك عن كثب |
أضحت خراسان قد باضت صقورها |
|
وفرّخت في نواصيها بلا رهب |
فإن يطرن ولم يحتل لهن بها |
|
يلهبن نيران حرب أيما لهب |
فلمّا وصلت الأبيات إلى مروان بن محمّد ، كتب إلى يزيد بن هبيرة ، أن يختار من جنوده أثنا عشر ألف ويرسلهم إلى نصر بن سيار ، فكتب يزيد ابن هبيرة إلى مروان : بأنّ الّذين معه من الجنود قليلون لا يساوي العدد المطلوب ، كما أنّ العرب (عرب العراق) لا يريدون خيرا لخلفاء بني أميّة ، وعليه أن يأخذ الجنود من أهل الشام.
وكتب نصر بن سيّار مرّة ثانية إلى مروان (عن طريق آخر غير طريق ابن هبيرة) (٤) ، وقد ضمّن كتابه بالأبيات التاليّة : (٥)
أرى خلل الرماد وميض جمر |
|
فيوشك أن يكون لها ضرام |
فإنّ النار بالعودين تذكّى |
|
وإنّ الحرب أولها كلام |
__________________
(١) أبو مسلم الخراساني : وأسمه : عبد الرحمن ، وهو قائد الدعوة العباسية في خراسان ، وقد استولى على خراسان وطرد أميرها (نصر بن سيار) وكان يلقب بأمين آل محمّد ، ثمّ قتله أبو العباس السفّاح.
(٢) نصر بن سيّار : هو أمير خراسان من قبل مروان بن محمّد ، وهو آخر أمير لبني أميّة في خراسان ، إذ طرده أبو مسلم الخراساني من إمارة خراسان ، فهرب إلى (الريّ) فمات كمدا في قرية من قرى همدان.
(٣) حسن سعيد الكرمي ـ قول على قول. ج ٤ / ١٧٤.
(٤) كانت الرسائل المتبادلة بين خلفاء بني أميّة وبين أمرائهم في خراسان تتم عن طريق أمير العراق ، كما أن ابن هبيرة كان يكره نصر بن سيار.
(٥) تاريخ خليفة بن خياط. ج ٢ / ٦٠١. وابن قتيبة ـ عيون الأخبار. ج ٢ / ١٢٨. والإمامة والسياسة. ج ٢ / ١٤٨. وابن أعثم الكوفي ـ الفتوح. ج ٨ / ١٥٦. وابن عبد ربه الأندلسي ـ العقد الفريد. ج ٤ / ٤٧٨. والجاحظ ـ البيان والتبيين. ج ١ / ١٥٨.