فأمر له ابن هبيرة بجام من ذهب ، ثمّ وزع تلك الهدايا على جلسائه وقال : (١)
لا تبخلنّ بدنيا وهي مقبلة |
|
فليس ينقصها التبذير والسرف |
فإن تولّت فأحرى أن تجود بها |
|
فالحمد منها إذا ما أدبرت خلف |
ودخل يزيد بن هبيرة على هشام بن عبد الملك ذات يوم ، فتكلّم بكلام جميل ، فقال هشام : (ما مات من خلّف هذا). فقال الأبرش بن حسان الكلبيّ وكان جالسا في مجلس هشام : (ليس هناك ، أما تراه يرشح جبينه لضيق صدره؟). فقال له يزيد بن هبيرة : (ما لذلك رشح ، ولكن لجلوسك في هذا الموضع). (٢)
وعند ما كان يزيد بن هبيرة يسير في شوارع الكوفة ، فوصل إلى مسجد بني غاضرة ، وقد حان وقت الصلاة ، فنزل يصلّي ، ولمّا سمع الناس بأنّ الأمير يصلّي في مسجدهم تجمّعت الرجال والنساء فوق السطوح ، فلمّا أكمل صلاته ، سأل : لمن هذا المسجد؟ فقالوا له : لبني غاضرة ، فتمثّل يزيد بقول الشاعر : (٣)
ما إن تركن من الغواضر معصرا |
|
إلا قصمن بساقها خلخالا |
فأجابته امرأة من الواقفات :
ولقد عطفن على فزارة عطفة |
|
كرّ المنيح وجلن ثم حجالا |
فسأل ابن هبيرة : من هذه؟ فقيل له : ابنة الحكم بن بحدل. فقال :(وهل تلد الحيّة إلا حيّة)؟!!. ثمّ قام خجلا.
__________________
(١) ابن قتيبة ـ عيون الأخبار. ج ٧ / ٣٧.
(٢) الجاحظ ـ البيان والتبيين. ج ١ / ٣٤٥.
(٣) عمر رضا كحالة ـ أعلام النساء. ج ١ / ٢٨٠.