الكوفة). فقال محمّد القسريّ : لا أترك الكوفة حتّى أقاتل ابن هبيرة ، فذهب القسريّ والتقى بجيش ابن هبيرة ، ثمّ نادى محمّد القسريّ بمن كان من قومه (قبيلته) مع ابن هبيرة قائلا : (تبّا لكم ، أنسيتم قتل أبي (خالد)؟ وتحامل بني أميّة عليكم ، ومنعهم إيّاكم أعطياتكم؟ يا بني عمّ : قد أزال الله ملك بني أميّة ، وأدال منهم ، فانضموا إلى ابن عمّكم ، فإنّ هذا (قحطبة) بحلوان في مجموع أهل خراسان ، وقد قتل مروان ، فلم تقتلون أنفسكم؟ وإنّ الأمير قحطبة قد ولّاني العراق ، وهذا عهدي عليها ، فليكن لكم أثر في هذه الدولة). (١) فانضم إليه الجميع ، ولمّا رآى يزيد بن هبيرة ذلك ، ولّى منهزما بمن معه إلى واسط.
وعند ما قامت الدولة العباسية على أنقاض الدولة الأموية سنة (١٣٢) (٢) للهجرة بويع لأبي العباس السفّاح بالخلافة في الكوفة ، أرسل السفّاح أخاه أبا جعفر المنصور إلى (واسط) ليزيد بن هبيرة ، فذهب المنصور إلى واسط ، وحارب ابن هبيرة عدّة شهور ، حتّى أعياه أمره ، عندها كتب المنصور إلى ابن هبيرة بالأمان والصلح ، ووقع أبو العباس السفّاح على كتاب الصلح فوافق ابن هبيرة على الصلح ، وبقي في واسط هو وجيشه. (٣)
وذهب ابن هبيرة ذات يوم لزيارة أبي جعفر المنصور في معسكره ، فقال له المنصور : حدثنا ، فقال ابن هبيرة : (يا أمير المؤمنين ، إنّ سلطانكم حديث ، وإمارتكم جديدة فأذيقوا الناس حلاوة عدلها ، وجنّبوهم مرارة جورها ، فو الله يا أمير المؤمنين لقد أخلصت لك) (٤). ثمّ رجع ابن هبيرة إلى
__________________
(١) أبو حنيفة الدينوري ـ الأخبار الطوال. ص ٣٦٨.
(٢) تاريخ خليفة بن خياط. ج ١ / ٤٠٩. وابن أعثم الكوفي ـ الفتوح. ج ٨ / ١٧٩.
(٣) الترمانيني ـ أحداث التاريخ الإسلاميّ. ج ٢ / ٨٤٤.
(٤) الجاحظ ـ البيان والتبيين. ج ١ / ٣٤٥.