فدخلت على مروان وهو يضحك ، ثمّ قال لي : ما ذا قال لك ابن هبيرة ، وبما ذا أجبته؟ فقلت له : قال لي كذا وكذا ، وقلت له : كذا وكذا. فقال مروان : وأيم الله لقد حججته ، أو ليس أمير المؤمنين الّذي يقول : (١)
تمسّك أبا قيس بفضل عنانها |
|
فليس عليها أن هلكت ضمان |
فلم أر قردا قبلها سبقت به |
|
جياد أمير المؤمنين أتان |
ولمّا خرج زياد من عند الخليفة ، اعتذر منه ابن هبيرة وقال له : (والله يا أخا بني الحارث ، ما كان كلامي إيّاك إلّا هفوة ، وإن كنت لأربأ بنفسي عن ذلك ، ولقد سرّني إذ ألقيت عليّ الحجّة ، ليكون ذلك لي أدبا مستقبلا ، وأنا لك حيث تحبّ ، فاجعل منزلك عليّ). (٢) ثمّ أكرمه ابن هبيرة ، وأحسن منزلته.
وفي سنة (١٣٤) للهجرة ذهب أبو مسلم الخراساني إلى (مرو) وذلك بعد أن قتل الكثير من أهل (الصغد) وأهل (بخارى) فاستخلف زياد بن صالح على الصغد وبخارى ورجع أبو مسلم الخراساني إلى (بلخ). (٣)
وفي سنة (١٣٥) للهجرة ، ثار زياد بن صالح وراء النهر وأعلن العصيان على أبي مسلم الخراساني ، فذهب إليه أبو مسلم الخراساني ، ولمّا وصل إلى بخارى التحق بأبي مسلم الكثير من قادة زياد الحارثي ، ثمّ تفرق عنه أكثر أصحابه ، عندها لجأ زياد إلى دهقان (٤) ، فقتله الدهقان ، وأرسل برأسه إلى أبي مسلم الخراساني. (٥)
__________________
(١) ابن منظور ـ مختصر تاريخ دمشق. ج ٩ / ٧٠.
(٢) المصدر السابع. ج ٩ / ٧١.
(٣) تاريخ الطبري. ج ٧ / ٤٦٤.
(٤) الدهقان : التاجر ، والدهقنة : رئاسة الأقليم.
(٥) تاريخ الطبري. ج ٧ / ٤٦٦. وابن الأثير ـ الكامل. ج ٥ / ٤٥٥. والزركلي ـ ترتيب الأعلام على الأعوام. ج ١ / ١٩٠.