وشيّد له قصرا على نهر دجلة سماّه (قصر الخلد) وقد بنى جانب الكرخ قبل جانب الرصافة ، وقال إبراهيم بن محمّد يصف الكرخ (١) :
سقى أربع الكرخ الغوادي بديمة |
|
وكلّ حلف دائم الهطل مسبل |
منازل فيها كلّ حسن وبهجة |
|
وتلك لها فضل على كلّ منزل |
وفي سنة (١٥١) للهجرة ، بنى المنصور جانب الرصافة لابنه (المهدي) وبنى له سورا وميدانا وبستانا ، وحفر حوله خندقا (٢).
وفي سنة (١٥٥) للهجرة ، حفر المنصور خندقا حول مدينة الكوفة ، وبنى سورا لها ، ولمّا أراد معرفة عدد أهالي الكوفة ، أعطى لكل شخص خمسة دراهم ، وبعد أن عرف عددهم ، أخذ من كلّ واحد منهم أربعين درهما ، فقال شاعرهم (٣) :
يا لقومي ما لقينا |
|
من أمير المؤمنينا |
قسّم الخمسة فينا |
|
وجبانا الأربعينا |
وكان المنصور لا يعير أهميّة لوزرائه ، إذ سرعان ما يغضب عليهم فيعزلهم ، ويعذّبهم ، ويصادر أموالهم ، وهذا أبو أيّوب سليمان بن أبي سليمان المورياني ، الخوزي (أحد وزراءه) غضب عليه سنة (١٥٣) للهجرة فعذبه ، وصادر أمواله ، وحبس أخاه ، وبني أخيه (سعيد ومسعود ومخلد ومحمّد) ، فقال أحد شعراء ذلك العصر (٤) :
لقد وجدنا الملوك تحسد من |
|
تعطيه طوعا أزمة التدبير |
فإذا ما رأوا له النهي |
|
والأمر أتوه من بأسهم بنكير |
__________________
(١) محمّد الخضري بك ـ محاضرات تاريخ الأمم الإسلامية. ج ١ / ٨٤.
(٢) المصدر السابق ج ١ / ٨٤.
(٣) ابن الأثير ـ الكامل. ج ٦ / ٥.
(٤) محمّد الخضري بك ـ محاضرات تاريخ الأمم الإسلامية. ج ١ / ٧٢.