قد قتل المنصور ، فقولوا له : فليخرج الأموال ، وليعط الأجناد ، فإن غلب ، فسوف تعود أمواله ، وإن غلب فلن يحصل محمّد على شيء) (١).
ثمّ قال المنصور لعيسى بن موسى : علينا أن نحارب محمّدا ، فإنّه لا يريد غيري وغيرك (٢) ، فإمّا أن تذهب أنت ، أو أذهب أنا.
فقال له عيسى : بل أفديك بنفسي يا مولاي ، فأخذ المنصور يوصي عيسى ويكثر من توصيته. فقال عيسى : يا مولاي ، إلى كم توصيني؟
إنّي أنا السيف الحسام الهندي |
|
أكلت جفني وخرجت غمدي (٣) |
فكل ما تطلبه عندي |
ولمّا ذهب عيسى بن موسى إلى محاربة (النفس الزكيّة) ، قال المنصور : (لا أبالي أيهما قتل) (٤).
وعند ما وصل عيسى بن موسى إلى المدينة ، تفرق عن النفس الزكيّة أكثر أصحابه ، إلّا أنّه ثبت وحارب ، ورغم قلّة من بقي معه ، فدارت بينهما معركة أسفرت عن قتل النفس الزكيّة ، وذلك في الرابع من شهر رمضان من سنة (١٤٥) للهجرة (٥) ، ثمّ بعث عيسى بن موسى ببشارة النصر إلى المنصور بالكوفة ، مع رأس النفس الزكيّة ، ثمّ صودرت جميع أموال آل الحسن ، ثمّ أمر المنصور بإرسال الرأس إلى كافة الأقاليم الخاضعة له ، والتشهير بالنفس الزكيّة (٦).
وكان النفس الزكيّة قد ذهب إلى الحجّ مع أخيه إبراهيم (متنكّرين)
__________________
(١) أبو الفرج الأصبهاني ـ مقاتل الطالبيين. ص ١٨٤.
(٢) وغيرك : لأن عيسى بن موسى كان ولي عهد المنصور ، وكان عيسى أمير الكوفة آنذاك.
(٣) ابن عبد ربه الأندلسي ـ العقد الفريد. ج ٥ / ٨٧.
(٤) تاريخ الطبري. ج ٩ / ٢١٦ وابن الأثير ـ الكامل. ج ٥ / ٥٤٤.
(٥) الخطيب البغدادي ـ تاريخ بغداد. ج ٣ / ١١٢.
(٦) تاريخ الطبري. ج ٦ / ٦٠١.