في السنة الّتي حجّ فيها أبو جعفر المنصور ، وهي سنة (١٤٤) للهجرة ، فاجتمعوا بمكّة ، فأرادوا اغتيال المنصور.
فقال لهم عبد الله بن محمّد بن عبد الله الأشتر : (أنا أكفيكم أمره).
فقال النفس الزكيّة : (لا والله لا أقتله غيلة أبدا حتّى أدعوه). فلما سمعوا كلامه ، تفرّقوا عنه ، ولم ينفذوا ما اتفقوا عليه ، وكان من بين المجتمعين أحد قادة المنصور من أهل خراسان (١).
وقد ثار إبراهيم بن عبد الله (أخو النفس الزكيّة) في البصرة ، فاستولى عليها ، واستولى على الأهواز وواسط ، فكتب المنصور إلى عيسى بن موسى في (المدينة) يأمره بالعودة حالا ، والذهاب إلى البصرة لمحاربة إبراهيم.
فذهب عيسى إلى إبراهيم ، فتلاقيا في (باخمرى) فقتل إبراهيم في معركة غير متكافئة في العدد والعدّة ، وذلك في الخامس والعشرين من شهر ذي القعدة من سنة (١٤٥) (٢) ، وأرسل رأسه إلى أبي جعفر المنصور في الكوفة فقال المنصور (٣) :
فألقت عصاها واستقرّ بها النوى |
|
كما قرّ عينا بالإياب المسافر |
ثمّ عاد أبو جعفر المنصور إلى بغداد بعد ثلاثة أشهر من قتل إبراهيم.
وقال غالب بن عثمان الهمداني في رثاء النفس الزكيّة وأخيه إبراهيم (٤) :
كيف بعد المهدي (٥) أو بعد إبرا |
|
هيم نومي على الفراش الوفير |
وهم الذائدون عن حرم الإسلام |
|
والجابرون عظم الكسير |
__________________
(١) تاريخ الطبري. ج ٧ / ٥٢٦.
(٢) تاريخ ابن خياط. ج ٢ / ٦٥٠.
(٣) تاج الدين الحسيني ـ غاية الاختصار. ص ٣٢.
(٤) أبو الفرج الأصبهاني ـ مقاتل الطالبيين. ص ٥٤٦.
(٥) المهدي : لقب النفس الزكيّة.