(القضاء لي بحذافيره ، وإنّما انتم على المحارم) (١).
وخرج شريك ذات يوم فيما بين الكوفة والحيرة ، ومعه أبو بكر بن عباس ، وسفيان الثوري ، فشاهدوا شيخا ، أبيض اللّحية ، حسن الصورة فضنوه من رجال الحديث فقال له سفيان الثوري : هل عندك شيء من الحديث يا شيخ؟ فقال الرجل : (أما حديث فلا ، ولكن عتيق سنين) (٢) فتبّين أنه خمّار.
وكان شريك لا يجلس للقضاء حتّى يتغدّى ، ثمّ يخرج ورقة من جيبه ، فينظر فيها ثمّ يأمر بتقديم الخصوم. وقد تمكّن أحد أصدقائه من معرفة ما في تلك الورقة فإذا فيها مكتوب : (يا شريك بن عبد الله ، اذكر الصراط وحدّته ، يا شريك بن عبد الله اذكر الموقف بين يدي الله عزوجل) (٣).
وشهد رجل أمام القاضي شريك ، فقال المدّعى عليه : إنّ الشاهد يا حضرة القاضي يشرب النبيذ ، فسأله شريك : أتشربه؟ فقال الشاهد : نعم.
وأنا الّذي أقول (٤) :
وإذا المعدة جاشت |
|
فارمها بالمنجنيق |
بثلاث من نبيذ |
|
ليس بالحلو الرقيق |
يهضم المطعم هضما |
|
ثمّ يجري في العروق |
وفي أحد الأيّام قدّمت امرأة شكوى إلى القاضي شريك على موسى ابن عيسى (أمير الكوفة) فأرسل موسى رئيس شرطته بدلا عنه ، فأمر
__________________
(١) وكيع ـ أخبار القضاة. ج ٣ / ١٧١.
(٢) الحميري ـ الروض المعطار. ص ٢٠٩.
(٣) الترمانيني ـ أحداث التاريخ الإسلامي. ج ٢ / ١٠١٩.
(٤) وكيع ـ أخبار القضاة. ج ٣ / ١٧١ والزمخشري ـ ربيع الأبرار. ج ٤ / ٦٤ والجاحظ ـ البيان والتبيين. ج ٤ / ٦٤.