شريك بحبسه ، ولمّا سمع موسى بذلك أرسل حاجبه ، فأمر شريك بحبس الحاجب أيضا ، ولمّا علم موسى بن عيسى بذلك أرسل إسحاق بن الصباح الكندي مع جماعة من وجوه أهل الكوفة ومن أصدقاء شريك وطلب منهم أن يخبروا شريك بأنّ الأمير يقول : (إنّي لست كالعامة).
فلمّا جاءوا إلى شريك ، أمر بحبسهم جميعا فغضب موسى بن عيسى ، وذهب إلى السجن ليلا وأطلقهم جميعا. وعند الصباح جاء السجّان وأخبر شريك بذلك ، فقال شريك : (فو الله ما طلبنا هذا الأمر منهم : ولكن اكرهونا عليه ، ولقد ضمنوا لنا الإعزاز فيه إذا تقلدناه) (١).
ثمّ خرج شريك من الكوفة ، قاصدا بغداد ، ولمّا وصل شريك إلى قنطرة الكوفة ، سمع به موسى بن عيسى ، فلحق به إلى هناك ، وطلب منه العودة إلى قضائه ، فقال شريك : (لا أرجع حتّى يردوا جميعا إلى الحبس ، أو أذهب إلى أمير المؤمنين ، وأطلب منه إعفائي من القضاء). فأعاد موسى بن عيسى جميع من أطلق سراحهم إلى الحبس) (٢).
هذا وقد ذمّ بعضهم شريك القاضي ، ونسب إليه شرب الخمر ، وقيل عنه : بأنّه كذّاب ، وأنّه يخطئ في الحديث كثيرا ، وأنّه قد تغيّر كثيرا عند ما ولّي قضاء الكوفة.
وقال عبد الله بن المبارك يهجو شريك القاضي (٣) :
يا جاعل الدين له مأربا |
|
يصطاد أموال المساكين |
لا تبع الدين بدنيا كما |
|
يفعل ضلال الرهابين |
احتلت للدنيا ولذاتها |
|
بحيلة تذهب بالدين |
__________________
(١) ابن الجوزي ـ المنتظم. ج ٩ / ٣٣.
(٢) نفس المصدر السابق.
(٣) الحميري ـ الروض المعطار. ص / ٢٠٩.