فلم يقتنع روح بما قاله أبو دلامة ، وأقسم بأن يخرج إلى المبارز ، عندها طلب أبو دلامة من روح أن يأتيه بدجاجة وخبز ، ولحم وشراب ، لعلمه بأنّ هذا آخر يوم من حياته ، فأمر له روح بما أراد.
ثمّ خرج أبو دلامة ، راكبا فرسه ، متقلّدا سيفه ، وأخذ يصول ويجول حتى وصل إلى المبارز فلمّا رآه المبارز ، شهر سيفه وتقدّم نحو أبي دلامة ، فما كان من أبي دلامة إلّا أن أغمد سيفه وقال للمبارز : لا تعجل يا صاحبي ، واسمع منّي : فهل تعرفني؟ قال المبارز : لا.
فقال له : أنا أبو دلامة ، وإنّني لم أخرج لقتالك ، وإنّما سمعت عن شهامتك ، وحسن أخلاقك ، فأحببت أن تكون لي صديقا ، ثمّ دعاه إلى الطعام والشراب ، فأكلا وشربا حتّى اكتفيا ، وتمكّن أخيرا أبو دلامة من إقناع المبارز من ترك أصحابه والالتحاق بجيش روح.
وعند ما رجع أبو دلامة إلى روح ، قال له روح : ما ذا فعلت يا أبا دلامة؟ فقال له : جئتك به أسيرا ، ثمّ انخرط ذلك المبارز في صفوف جيش روح وأصبح صديقا لروح.
وكان روح بن حاتم يذهب إلى منزل ابن رابين في الكوفة ، وكان يختلف إلى الزرقاء وكانت الزرقاء تحبّ محمّد بن جميل ، ويحبّها هو أيضا ، فاحتالا عليه ، حيث بات عندهم ليلة من الليالي ، فأخذت الزرقاء سراويله فغسلتها ، وفي الصباح سأل عنها فقالت له الزرقاء : قد غسلناها ، فتصوّر روح أنّه أحدث فيها ، فاستحيا من ذلك ، فخلا الجو لها ولأبن جميل (١).
ومن طرائف روح انه قال : بينما كنت أطوف بالبيت الحرام سمعت رجلا يدعو ويقول : اللهم (اغفر لي ولوالدي) فقلت له : يا هذا قل اللهم
__________________
(١) النويري ـ نهاية الأرب. ج ٥ / ٧٧.