هناك ، وأن يستخلف على الكوفة عبد الله بن مسعود (١). وعند ما وصل عمّار إلى (تستر) استبشر المسلمون خيرا ، ولم تمض سوى سويعات ، حتّى دخل المسلمون (تستر) واستولوا عليها ، وعلى ما فيها من أموال ، استسلم (الهرمزان) وجيء به أسيرا إلى المدينة (٢).
وخطب عمّار يوما فأوجز في خطبته ، فقيل له : لو زدتنا يا أبا اليقظان ، فقال : (أمرنا رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم بإطالة الصلاة ، وقصر الخطب) (٣).
ثمّ نقم أهل الكوفة على عمّار بن ياسر وأبغضوه ، حتّى اجترأ عليه (عطارد) وقال له : (أيّها العبد الأجدع). وشكوه إلى الخليفة عمر ، وقالوا : (إنّه لا يحتمل ما هو فيه ، وإنّه ليس بأمين ، وإنّه غير كاف ، وغير عالم بالسياسة ، ولا يدري على ما استعملته) (٤). فعزله عمر سنة (٢٢) للهجرة ، ودعاه إلى المدينة ، وقال له : هل أساءك العزل يا عمّار؟ فأجابه عمّار : (ما سرّني حين استعملت ، ولكن ساءني حين عزلت) (٥). ثمّ عيّن أبو موسى الأشعري أميرا على الكوفة خلفا لعمّار ، بناء على رغبة أهل الكوفة (٦).
وكان عمّار بن ياسر (أمير الكوفة) قدوة لكل أمير ، فقد ازداد ورعا ، وزهدا ، وتواضعا ، حتّى قال فيه ابن أبي الهذيل : (رأيت عمّار بن ياسر ، وهو أمير الكوفة ، يشتري من قيثائها ، ثمّ يربطها بحبل ، ويحملها فوق ظهره ، ويمض إلى داره) (٧).
__________________
(١) أبو حنيفة الدينوري ـ الأخبار الطوال. ص ١٣٠.
(٢) تاريخ خليفة بن خياط. ج ٢ / ١٤٢.
(٣) الجاحظ ـ البيان والتبيين. ج ١ / ٣٠٣.
(٤) تاريخ الطبري. ج ٤ / ١٦٣.
(٥) تاريخ ابن خباط. ج ١ / ١٤٩ والذهبي ـ تاريخ الإسلام. ج ٣ / ٤٢.
(٦) تاريخ الطبري. ج ٤ / ١٦٣ والذهبي ـ تاريخ الإسلام. ج ٣ / ٢٤٢.
(٧) خالد محمّد خالد ـ رجال حول الرسول. ج ٢ / ٩٥.