هجر (١) ، لعلمت أنّنا على الحقّ ، وأنّهم على الباطل) (٢). ولقد تبع الناس عمّارا ، وآمنوا بصدق قوله.
وقال أبو عبد الرحمن السلمي : (شهدنا مع عليّ عليهالسلام" صفّين" ، فرأيت عمّار بن ياسر ، لا يأخذ ناحية من نواحيها ، ولا من أوديتها ، إلّا ورأيت أصحاب محمّد صلىاللهعليهوآلهوسلم يتبعونه كأنّه علم لهم) (٣).
وكان عمّار ، وهو يجول في المعركة ، يؤمن أنّه واحد من شهدائها ، وكانت نبوة محمّد صلىاللهعليهوآلهوسلم أمام عيينة : (تقتل عمّارا الفئة الباغية) ، لذلك نراه يندفع في المعركة ، وصوته يغرّد : (اليوم ألقى الأحبّة محمّدا وصحبه) ، ثمّ يتوجّه نحو معاوية وهو يقول (٤) :
نحن ضربناكم على تنزيله |
|
واليوم نضربكم على تأويله |
ضربا يزيل الهام عن مقيله |
|
ويذهل الخليل عن خليله |
أو يرجع الحقّ إلى سبيله |
عندها اندفع أصحاب معاوية نحو عمّار (كالذئاب الكاسرة مكشرين أنيابهم) فأحاطوا به من كلّ جانب ، وأردوه قتيلا ، فذهب إليه الإمام عليّ عليهالسلام فحمله على صدره ، ثمّ صلّى عليه ، ودفنه بثيابه ، كان ذاك سنة (٣٧) للهجرة (٥) ، وكان أهل الشام يسمّون يوم قتل عمّار : (فتح الفتوح).
وفي قتله قال الحجّاج بن عزية الأنصاري قصيدة نقتطف منها
__________________
(١) هجر : مدينة في البحرين يكثر فيه النخيل.
(٢) نصر بن مزاحم ـ وقعة صفّين. ج ٤ / ٣٨٧.
(٣) ابن أبي الحديد ـ شرح نهج البلاغة. ج ١٠ / ١٠٤.
(٤) تاريخ الطبري. ج ٥ / ٣٩ وابن أبي الحديد ـ شرح نهج البلاغة. ج ١٠ / ١٠٤ وباقر القرش ـ حياة الإمام الحسن ابن عليّ. ج ١ / ٤٥٤.
(٥) خليفة بن خياط ـ الطبقات. ص ٢١.