تزدلف (١) للمتقين ، أو نار تبرز للغاوين (٢). (مَنْ عَمِلَ صالِحاً فَلِنَفْسِهِ ، وَمَنْ أَساءَ فَعَلَيْها ، وَما رَبُّكَ بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ)(٣).
ولمّا سمع الحسن بن سهل بثورة ابن طباطبا ، أرسل جيشا قوامه عشرة آلاف فارس وراجل إلى الكوفة ، فوقعت معركة بين الطرفين ، انهزم فيها زهير بن المسيب الضبي (قائد الجيش) واستولي على جميع ما في عسكره من مال وسلاح ودواب وغير ذلك (٤).
ثمّ أرسل الحسن بن سهل جيشا آخر مؤلفا من ألف فارس وثلاثة آلاف راجل بقيادة (عبدوس عبد الصمد) وقال الحسن بن سهل : (أريد أن ترفع رأسك في هذه المعركة) (٥). فحلف (عبدوس) : بأنّه سوف يستبيح الكوفة ، وسوف يقتل أهلها ، ويسبي ذراريرها ، وسوف ، وسوف.
ولمّا جاء عبدوس ، قسّم أبو السرايا جيشه إلى ثلاث فرق ، وقال لهم : أريد منكم أن تحملوا على عسكر عبدوس حملة واحدة ، وعند التقاء الجيوش ، حدثت مقتله عظيمة بين الطرفين ، حتّى أخذت جيوش عبدوس تلقي بأنفسها في نهر الفرات طلبا للنجاة فغرق أكثرهم.
ثمّ وجد عبدوس في الجامع فقتله أبو السرايا ، ولم ينج من عسكر عبدوس أحد ، إذ وقعوا جميعا ما بين قتيل وجريح وأسير (٦).
وأثناء هذه الحروب مرض محمّد بن طباطبا ، مرضا شديدا ، فدعا (أبا السرايا) وأوصاه قائلا :
__________________
(١) تزدلف : تقرب.
(٢) الآبي ـ نثر الدر. ج ١ / ٣٨١.
(٣) سورة فصلت / الآية : ٤٦.
(٤) تاريخ الطبري. ج ٨ / ٥٢٩.
(٥) أبو الفرج الأصبهاني ـ مقاتل الطالبيين. ص ٥٣٠.
(٦) تاريخ الطبري. ج ٨ / ٥٣٠.