ونقش عليها : (إِنَّ اللهَ يُحِبُّ الَّذِينَ يُقاتِلُونَ فِي سَبِيلِهِ صَفًّا كَأَنَّهُمْ بُنْيانٌ مَرْصُوصٌ)(١). ثمّ ذهب أبو السرايا بجيشه إلى قصر ابن هبيره ، وذلك بعد أن تركه ابن المسيب الضبي الّذي عاد إلى بغداد. ولمّا رآى الحسن بن سهل ، أنّ أبا السرايا ، ومن معه ، لا يلاقون جيشا إلّا هزموه ولا يذهبون إلى أيّ بلد إلّا دخلوه ، ولم يجد فيمن معه من القادة من يكفيه حربه ، فاضطرّ إلى الاستعانة بهرثمة بن أعين (كان آنذاك في خراسان) فكتب إليه ، لكن هرثمة لم يجبه على طلبه بادي الأمر ، إلّا أنّه أجابه بعد أن كتب إليه الحسن ثانية (٢).
فذهب هرثمة بن أعين بجيشه إلى قصر ابن هبيرة ، فوقعت معركة بينه وبين أبي السرايا ، قتل خلالها جماعة كبيرة من أصحاب أبي السرايا ، فرجع أبو السرايا إلى الكوفة ، فتبعه هرثمة ونزل في قرية (شاهي) فكانت معركة بين الطرفين انهزم جيش هرثمة في أوّل النهار ، لكن هرثمة استعاد قوته ، وشنّ حملاته في آخر النهار ، فكانت الهزيمة لأصحاب أبي السرايا.
وقيل إنّ جيش أبي السرايا قد توقف عن قتال هرثمة بن أعين ، فخطب فيهم أبو السرايا وقال : (يا قتلة عليّ ، ويا خذلة الحسين ، إنّ المعتزّ بكم لمغرور ، وإنّ المعتمد على نصركم لمخذول ، وأن الذليل لمن اعتززتموه ...
الخ). ثمّ قال (٣) :
ومارست أقطار البلاد فلم أجد |
|
لكم شبها فيما وطئت من الأرض |
خلافا وجهلا وانتشار عزيمة |
|
ووهنا وعجزا في الشدائد والخفض |
لقد سبقت فيكم إلى الحشر دعوة |
|
فلا عنكم راض ولا فيكم مرض |
سأبعد داري من قلى عن دياركم |
|
فذوقوا إذا وليت عاقبة البغض |
__________________
(١) سورة الصف : الآية / ٤.
(٢) تاريخ الطبري. ج ٨ / ٥٣٤ وابن الأثير ـ الكامل. ج ٦ / ٣٤٤ والذهبي ـ تاريخ الأعلام. ج ١٣ / ٧٦.
(٣) أبو الفرج الأصبهاني ـ مقاتل الطالبيين. ص ٥٤٦.