وبقي هرثمة بن أعين في قرية (شاهي) إلى أن جاء (منصور بن المهدي) بجيشه ، وبقي حتّى انقضت سنة (١٩٩) للهجرة. وفي السادس عشر من شهر محرم من سنة (٢٠٠) للهجرة ، هرب أبو السرايا من الكوفة (ليلا) إلى القادسيّة (١) ، عندها دخل هرثمة بن أعين ومنصور بن المهدي إلى الكوفة في اليوم الّذي هرب فيه أبو السرايا ، فبقيا في الكوفة إلى العصر ، ثمّ رجعا إلى معسكرهما ، وخلّفا على الكوفة (غسان بن أبي الفرج) (٢).
ثمّ خرج أبو السرايا من القادسيّة ، وذهب إلى واسط ، فدارت معركة بينه وبين الحسن بن عليّ الباذغيس المعروف (بالمأموني) جرح فيها أبو السرايا جراحات شديدة ، ثمّ هرب أبو السرايا ومعه محمّد بن زيد وأبو الشوك ، وتفرق عنه أصحابه.
ولمّا وصلوا إلى جلولاء ، لقيهم حماد الكندغوش فأخذهم إلى الحسن ابن سهل (في النهروان) فقتل أبا السرايا ، وصلبه على الجسر ببغداد ، في يوم الخميس في العاشر من شهر ربيع الأول من سنة (٢٠٠) للهجرة ، فقال التميمي (٣) :
ألم تر ضربة الحسن بن سهل |
|
بسيفك يا أمير المؤمنينا |
دارت مرو رأس أبي السرايا |
|
وأبقت عبرة للعابرينا |
ثمّ بعث الحسن بن سهل بمحمد بن محمّد بن زيد إلى المأمون ، فلمّا رآه المأمون تعجب من حداثة سنّه ، ثمّ أمر باعتقاله ، وهيأ له دارا وخادما ، فبقي محمّد أربعين يوما ، فدسّ إليه السمّ فمات (٤).
__________________
(١) القادسيّة : أسم ناحية قرب النجف ، وليست هي محافظة القادسيّة ، وبها كانت معركة القادسيّة المشهورة.
(٢) تاريخ الطبري. ج ٨ / ٥٣٤.
(٣) المصدر السابق. ج ٨ / ٥٣٥.
(٤) أبو الفرج الأصبهاني ـ مقاتل الطالبيين. ص ٥٥٠.