فقال له المأمون : (يا إبراهيم ، إنّي قد شاورت العبّاس (١) وأبا إسحاق أخي في أمرك ، فأشارا عليّ بقتلك ، إلّا إنّني وجدت قدرك فوق ذنبك ، فكرهت القتل للازم حرمتك) فعفا عنه. ولمّا عفا عنه المأمون قال إبراهيم (٢) :
رددت مالي ولم تمنن عليّ به |
|
وقبل ردّك مالي قد حقنت ودمي |
وقيل أيضا : عند ما ألقي القبض على إبراهيم بن المهدي سنة (٢١٠) (٣) للهجرة ، بزيّ امرأة جيء به إلى المأمون ، فسلّم على المأمون فقال له المأمون : (لا سلّم الله عليك ولا حيّاك الله ، ولا رعاك) ، فقال إبراهيم (٤) :
ذنبي إليك عظيم |
|
وأنت أعظم منه |
فخذ بحقّك أولا |
|
فاصفح بحلمك عنه |
إن لم يكن في فعالي |
|
من الكرام فكنه |
فرقّ المأمون لحاله ، وطلب من جلسائه ، أن يشيروا عليه بأمر إبراهيم ، فكلّهم أشار عليه بقتله ، إلّا أحمد بن خالد فقد قال له : (يا أمير المؤمنين ، إن تقتله فقد وجدنا مثلك ، قتل مثله ، وإن عفوت عنه ، لم نجد مثلك ، عفا عنه) ، فطأطأ المأمون رأسه ، ثمّ قال :
قومي هم قتلوا أميم أخي |
|
فإذا رميت يصيبني سهمي |
ثمّ مدحه إبراهيم بقصيدة طويلة نقتبس منها الأبيات التالية (٥) :
يا خير من ذملت يمانيه به |
|
بعد الرسول لآيس أو طامع |
__________________
(١) العبّاس : ابن المأمون.
(٢) أحمد زكي صفوت ـ جمهرة خطب العرب. ج ٣ / ١٢٧.
(٣) محمد الخضري بيك ـ محاضرات التاريخ الإسلامي. ج ١ / ١٩١.
(٤) أبي إسحاق الحصري ـ زهر الآداب. ج ٢ / ٤٤١ وأحمد زكي صفوت ـ جمهرة خطب العرب. ج ٣ / ١٢٦ وحسن سعيد الكرمي ـ قول على قول. ج ٦ / ٦٣٥.
(٥) محمّد خضري بيك ـ محاضرات التاريخ الإسلامي. ج ١ / ١٩١.