وقد جعلت له جارية تخدمه أسمها (ملك) وكانت تلك الجارية : جميلة ، وحاذقة ، وراوية للشعر ، فأحبّها إبراهيم حبّا شديدا ، ولكنّه لم يتمكن من طلبها من أخته ، وقد اشتدّ حبّه لتلك الجارية ، فأخذ عوده (١) ذات يوم وغنى ، وكانت (ملك) واقفة أمامه ، فقال (٢) :
يا غزالا لي إليه |
|
شافع من مقلتيه |
والّذي أجللت خدي |
|
ه فقبلت يديه |
بأبي وجهك ما أكث |
|
ر حسادي عليه |
أنا ضيف وجزاء الضي |
|
ف إحسان إليه |
فذهبت الجارية إلى أخته (علية) وأخبرتها بحال إبراهيم ، فقالت لها علية : (إذهبي فقد وهبتك له). ولمّا عادت الجارية إلى إبراهيم أعاد عليها الشعر مرّة ثانية ، فأخذت الجارية تقبل رأسه ، فمنعها إبراهيم. فقالت له : إن مولاتي قد وهبتني إليك.
ثمّ ألقي القبض على إبراهيم بن المهدي بزيّ امرأة ، وجيء به إلى المأمون ، فسلّم عليه وقال : (يا أمير المؤمنين ، ولي الثأر ، محكم في القصاص ، والعفو أقرب إلى التقوى ، ومن مدّ له في الأناة ، حسن عنده الذنب ، وقد جعلك الله فوق كلّ ذنب كما جعل كلّ ذي ذنب دونك ، فإن عاقبت فبحقك ، وإن عفوت فبفضلك) (٣).
__________________
(١) العود : آلة موسيقية.
(٢) الزمخشري ـ ربيع الأبرار. ج ٣ / ١٠٨ وابن الجوزي ـ المنتظم. ج ١١ / ٩٠.
(٣) الآبي ـ نثر الدر. ج ٣ / ١٤٥ وأحمد شلبي ـ موسوعة التاريخ الإسلامي. ج ٢ / ٦٩.