وعند ما بويع الإمام عليّ عليهالسلام بالخلافة سنة (٣٦) بعد مقتل الخليفة عثمان بن عفّان ، جاء أهل الكوفة إلى أبي موسى الأشعري ، وقالوا له : (لم لم تبايع عليّا ، وتدعو الناس إلى مبايعته ، وقد بايعه المهاجرون والأنصار؟).
فقال أبو موسى : (حتّى أنظر ما يكون ، وما يصنع الناس بعد هذا). فقال رجل من أهل الكوفة أبياتا مطلعها (١) :
أبايع غير مكترث عليّا |
|
ولا أخشى أميرا أشعريا |
أبايعه وأعلم أنّ سأرضي |
|
بذاك الله حقّا والنبيا |
وعند ما أراد الإمام عليّ عليهالسلام الذهاب إلى البصرة ، كتب إلى أبي موسى الأشعري ، أن يحثّ الناس للّحاق به في البصرة ، إلّا أنّ أبا موسى ، منع أهل الكوفة من الذهاب إلى البصرة وخطب فيهم قائلا : (أما بعد يا أهل الكوفة ، إن تطيعوا الله باديا ، وتطيعوني ثانيا ، تكونوا جرثومة من جراثيم العرب ، يأوي إليكم المضطر ، ويأمن فيكم الخائف. إنّ عليا ، إنّما يستنفركم لجهاد أمّكم عائشة (٢) وطلحة والزبير حواري رسول الله ، ومن معهم من المسلمين ، وأنا أعلم بهذه الفتن ، إنّها إذا أقبلت شبّهت ، وإذا أدبرت أسفرت ، فثلّموا سيوفكم ، وقصّفوا رماحكم ، وانصلوا سهامكم ، وقطّعوا أوتاركم ، وخلّوا قريشا ترتق فتقها ، وترأب صدعها ، فإن فعلت فلأنفسها ما فعلت ، وإن أبت فعلى نفسها ما جنت ، استنصحوني ولا تستغشوني ، وأطيعوني ولا تعصوني ، يتبيّن لكم رشدكم ، ويصلى هذه الفتنة من جناها) (٣).
فأرسل إليه الإمام عليّ عليهالسلام كتابا جاء فيه :
(من عبد الله عليّ أمير المؤمنين ، إلى عبد الله بن قيس ، أما بعد ، يا ابن
__________________
(١) ابن أعثم الكوفي ـ الفتوح. ج ٢ / ٢٥٠.
(٢) عائشة وطلحة والزبير : ذهبوا إلى البصرة لمحاربة الإمام عليّ عليهالسلام
(٣) ابن أبي الحديد ـ شرح النهج. ج ١٤ / ١٥.