جعلت فداك ، وكيف حالك وجسمك)؟ فقالت : بحمد الله بخير. وكانت بجانبها جارية لها فنظرت إليها ، فإذا هي في غاية الحسن والجمال ، فأعجبتني كثيرا ، وطال جلوسي .. ثمّ استحييت من (عليّة) وقلت لها : (وكيف أنت يا أختي ..) فرفعت رأسها وقالت : (أليس هذا قد مضى مرّة ، وقد أجبنا عنه) (١).
ومن شعر إبراهيم بن المهدي أنّه قال (٢) :
قد شاب رأسي ورأس الحرص لم يشب |
|
إنّ الحريص على الدنيا لفي تعب |
قد ينبغي لي مع ما حزت من أدب |
|
أن لا أخوض في أمر ينقص بي |
لو كان يصدقني دهري بفكرته |
|
ما اشتدّ غمّي على الدنيا ولا نصبي |
أسعى وأجهد فيما لست أدركه |
|
والموت يكدح في زندي وفي عصبي |
بالله ربّك كم بيت مررت به |
|
قد كان يغمر باللّذات والطرب |
طارت عباب المنايا في جوانبه |
|
فصارت بعدها للويل والحرب |
فامسك عنانك لا تجمع به طلع |
|
فلا وعينك ما الأرزاق بالطلب |
قد يرزق العبد لم يتعب رواحله |
|
ويحرم الرزق من لم يوف في طلب |
مع أنّني واجد في الناس واحدة |
|
الرزق والنوّل مقرونات في سبب |
وخطة ليس فيها من بيان غنى |
|
الرزق أروع شيء عن ذوي الأدب |
يا ثاقب الفهم كم أبصرت ذا حمق |
|
الرزق أعرى به من لازم الجرب |
وكان إبراهيم بن المهدي يقول : إنّما أصنع تطربا ، لا تكسبا ، وأغني لنفسي لا للناس ، وأعمل ما أشتهي. وأيضا قال : (لو أنّي أرفع نفسي من هذه (الصناعة) (٣) ، لأظهرت منها ما يعلم الناس معه أنّهم لم يروا مثلي
__________________
(١) عمر رضا كحالة ـ أعلام النساء. ج ٣ / ٣٤١.
(٢) ابن الجوزي ـ المنتظم. ج ١١ / ٩٠.
(٣) الصناعة : الغناء والشعر.