ولتصلحن ، من بعد ذلك لزلزل (١) |
|
ولتصلحن ، من بعده للمارق (٢) |
وكان إبراهيم بن المهدي يمش مع المغنين إذا خرجوا من عند المأمون ليلا ، وكان المأمون يبين للناس ، بأنّ إبراهيم قد خلع الخلافة من عنقه ، وأنه تهتك ، فلا يصلح لها (٣).
وروي عن (عريب) (٤) أنّها قالت : (أحسن يوم رأيته في حياتي ، هو يوم اجتمعت فيه مع إبراهيم بن المهدي عند أخته (عليّة) وعندها أخوها يعقوب ، وهو أمهر الناس بالتزمير ، وقد غنت (عليّة) من شعرها (٥) :
تحبب فإنّ الحبّ داعية الحبّ |
|
وكم من بعيد الدار مستوجب القرب |
تبصر فإن حدّثت أنّ أخا هوى |
|
نجا سالما فارج النجاة من الحبّ |
إذا لم يكن في الحبّ سخط ولا رضا |
|
فأين حلاوات الرسائل والكتب |
وغنى إبراهيم فقال (٦) :
لم ينسيك سرور ولا حزن |
|
وكيف لا ، كيف ينسى وجهك الحسن |
ولا خلا منك قلبي لا ولا جسدي |
|
كلّي بكلك مشغول ومرتهن |
وقال إبراهيم : ما خجلت في حياتي قط ، مثلما خجلت مع أختي (عليّة) ، ذلك أنّي ذهبت إليها ذات يوم زائرا ، فقلت لها : (كيف أنت يا أختي ،
__________________
(١) زلزل : مغني مشهور بضربه على العود.
(٢) المارق : هو زرزور غلام عليّ الحارثي ، وهو مغني أيضا ، وزلزل ومخارق هما من معاصري إبراهيم بن المهدي.
(٣) النويري ـ نهاية الأرب. ج ٢ / ٢٠٦.
(٤) عريب : قيل إنّها ابنة جعفر بن يحيى البرمكي ، وهي شاعرة مبدعة ، ومغنية بارعة ، وجميلة جدا ، ولها معرفة بالأنغام والأوتار الموسيقية ، وتجيد العزف على العود ، وماهرة بلعب الشطرنج ، وقد جالست وغنت أمام كثير من الخلفاء والوزراء والأمراء ، فكانت عند الأمين ، ومن بعده اشتراها المأمون بخمسين ألف درهم ، ولمّا مات المأمون بيعت عريب بمائة ألف درهم ، اشتراها المعتصم.
(٥) النويري ـ نهاية الأرب. ج ٤ / ٢١٥ وعمر رضا كحالة ـ أعلام النساء. ج ٣ / ٣٤١.
(٦) عمر رضا كحالة ـ أعلام النساء. ج ٣ / ٣٤١.