(المستعين بالله) في سامراء ، ثمّ أرسلت الأسرى ورؤوس من قتل من أصحاب يحيى إلى بغداد.
وقيل إنّ (المستعين) قد نصب رأس يحيى في باب العامّة في سامراء ، فاجتمع الناس وتذّمروا ، وكرهوا هذا العمل الشنيع ، فأرسل المستعين الرأس إلى بغداد لينصب فيها (١) ، ثمّ كتب محمّد بن عبد الله بن طاهر إلى الخليفة (المستعين) يطلب منه العفو عن الأسرى فأمر المستعين بإطلاق سراحهم ، وبدفن رؤوس القتلى.
وبعد ما قتل يحيى بن عمر ، جلس محمّد بن عبد الله بن طاهر للتهنئة ، فدخل عليه داود (أبو هاشم) (٢) وقال له : (أيّها الأمير ، إنّك لتهنّئ بقتل رجل لو كان رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم حيّا ، لكان هو المعزّى به). فلم يرد عليه ابن طاهر بشيء ، وخرج داود وهو يقول (٣) :
يا بني طاهر كلوه وبيا |
|
إن لحم النبيّ غير مريّ |
إنّ وترا يكون طالبه الل |
|
ه لوتر نجاحه بالحريّ |
هذا وقد أكثر الشعراء في رثاء يحيى (وذلك لمّا كان يتمتع به من حسن السيرة ، والديانة ، وكان يدعو للرضا من آل محمّد صلىاللهعليهوآلهوسلم ، وكان من أزهد الناس ، واصلا لأرحامه من الطالبيات). فقال بعضهم في رثائه (٤) :
بكت الخيل شجوها بعد يحيى |
|
وبكاه المهند المسقول |
وبكته العراق شرقا وغربا |
|
وبكاه الكتاب والتنزيل |
__________________
(١) ابن الجوزي ـ المنتظم. ج ١٢ / ٣٤.
(٢) داود : بن القاسم بن إسحاق بن عبد الله بن جعفر (الطيار) بن أبي طالب.
(٣) تاريخ الطبري. ج ٩ / ٢٧٠ وابن الأثير ـ الكامل. ج ٧ / ١٢٩ وعارف أحمد عبد الغني ـ الجوهر الشفاف. ج ٢٩٨ ومحمّد الخضري بك ـ محاضرات تاريخ الأمم الإسلامية. ج ٢ / ٢٧٦ وابن عنبه ـ عمدة الطالب. ص ٢٧٣ والبراقي ـ تاريخ الكوفة. ص ٣٦٩.
(٤) المسعودي ـ مروج الذهب. ج ٤ / ٦٥ والبراقي ـ تاريخ الكوفة. ص ٣٦٩.