للجيوش ، وهو المسير لأمور الدولة ، ولم تبق بيد الخليفة (المعتمد) أية سلطة فعلية ، سوى أنه (أمير المؤمنين) كما أنّ الموفّق قد ضيّق على أخيه (المعتمد) بكافة تصرفاته ، إذ احتاج مرّة إلى مبلغ ثلثمائة دينار ، فلم يحصل عليه ، فعندها قال (١) :
أليس من العجائب أنّ مثلي |
|
يرى ما قلّ ممتنعا عليه |
وتؤخذ بأسمه الدنيا جميعا |
|
ومن ذاك شيء في يديه |
إليه تحمل الأموال طرا |
|
ويمنع بعض ما يجبى اليه |
ثمّ حجره الموفّق وحبسه ، فكان المعتمد أوّل خليفة عباسي ، قهر وحبس وحجر عليه (٢).
وفي سنة (٢٦١) للهجرة ، ولّى (المعتمد) أخاه (الموفّق) العهد بعد ابنه (جعفر) وولّاه المشرق وبغداد ، والسواد والكوفة ، وطريق مكّة والمدينة ، واليمن ، وكسكر ، وكور دجلة ، والأهواز ، وأصبهان ، وقم ، والكرج ، والدينور ، والريّ ، وزنجان ، وقزوين ، وخراسان ، وطبرستان ، وكرمان ، وسجستان ، والسند ، وقال المعتمد : إنّه إذا مات وابنه (جعفر) صغير ، فيكون (الموفّق) هو الخليفة ، ومن بعده لجعفر (٣) ، وأمره أن يذهب لمحاربة الزنج.
وقد اشتهر (الموفّق) في محاربة (صاحب الزنج) (٤) يعاونه ابنه
__________________
(١) ابن الأثير ـ الكامل. ج ٧ / ٤٥٥.
(٢) المسعودي ـ مروج الذهب. ج ٤ / ١٢٣.
(٣) ابن الجوزي ـ المنتظم. ج ٥ / ٢٦ وج ١٢ / ١٦٣ وابن الأثير ـ الكامل. ج ٧ / ٢٧٨.
(٤) صاحب الزنج : وهو عليّ بن محمّد بن أحمد بن عليّ بن عيسى بن زيد بن عليّ بن الحسين بن عليّ بن أبي طالب ، ثار بالبصرة في يوم الأربعاء في السادس والعشرين من شهر رمضان من سنة (٢٥٥) للهجرة ، وأخذ يدعو غلمان أهل البصرة ، فالتف حوله الكثير منهم وذلك للخلاص من الرق والعبودية والتعب ، ووعدهم بأنه سوف يقودهم ، ويملكهم الأموال ، وأنه لن يغدر بهم ، ثمّ انتقل إلى البحرين وجعل مدينة (هجر) مقرا لقيادته. ثمّ استسلمت له (عبادان) بدون حرب ، ثمّ ذهب إلى الأهواز فاستولى عليها وبعد