وهدّأ الناس فتفرقوا (١).
وفي سنة (٢٧٥) للهجرة ، ثار (فارس العبدي) مع جماعة كبيرة من أصحابه فأخاف الطريق ، وذهب إلى سامراء ، فنهب دورها ، فسار إليه أحمد الطائي بجيشه فانهزم (العبدي) واستولى على ما كان مع العبدي من أموال.
ثمّ ذهب الطائي ليعبر نهر دجلة في سفينة ، فتبعه بعض أصحاب العبدي ، وتعلّقوا بسفينته ، ولمّا شعر الطائي بهم ، رمى نفسه بالماء ، وعبر نهر دجلة سباحة ولمّا خرج من النهر في الجانب الآخر ، أخذ الطائي ينفض لحيته من الماء ، وقال : (أيش ظنّ العبدي؟ أليس أنا أسبح من سمكة).
وقال عليّ بن بسطام في أحمد الطائي (٢) :
قد أقبل الطائي ما أقبلا |
|
قبّح في الأفعال ما أجملا |
كأنّه من لين ألفاظه |
|
صبيّة تمضغ جهد البلا |
وفي هذه السنة أيضا أي سنة (٢٧٥) كان (صدّيق الفرغاني) (٣) قد عاث فسادا في سامراء ، فذهب إلى السجن ، وأطلق أخاه منه ، فلما سمع أحمد الطائي بذلك ذهب إلى سامراء ، فقبض على (صدّيق) ومن كان معه ، ثمّ قطع يده ورجله ، وكذلك قطع أيدي وأرجل أصحابه ، ثمّ جاء بهم إلى بغداد ، وقد حملت الأيدي والأرجل (المقطعة) عاليا ليراها الناس (٤).
وعند ما انتشر مذهب القرامطة (٥) بالكوفة وسوادها ، وعلم الطائي بأمرهم فرض على كلّ رجل منهم دينارا واحدا في السنة ، فذهب جماعة
__________________
(١) تاريخ الطبري. ج ١٠ / ١٠ وابن الأثير ـ الكامل. ج ٧ / ٤٢٠.
(٢) ابن الأثير ـ الكامل. ج ٧ / ٤٣٢.
(٣) صديق الفرغاني : كان يحرس الطريق ، ثمّ تحول إلى لص مخرب ، يقطع الطريق.
(٤) ابن الأثير ـ الكامل. ج ٧ / ٤٣٣ والزركلي ـ الأعلام. ج ١ / ٢٠٥.
(٥) القرامطة : حركة سياسيّة دينية ، ظهرت بسواد الكوفة ، ومؤسسها (حمدان الملقب بقرمط).