حروب ومعارك في خلافتي (المكتفي والمقتدر) (١).
وكان أبو الهيجاء قد ولّاه (المكتفي بالله) ولاية الموصل سنة (٢٩٣) للهجرة ، ثمّ عزله (المقتدر) سنة (٣٠١) للهجرة ، ثمّ أعاده وقلّده (المقتدر) طريق خراسان والدينور فكان أبو الهيجاء يتولّى ذلك ، وهو مقيم في بغداد (٢).
وعند عودة الحجّاج من مكّة سنة (٣١٢) للهجرة ، تعرض لهم القرامطة بقيادة (أبو طاهر بن سعيد القرمطي) فأوقع بالحجّاج ، قتلا وتنكيلا وسلبا وأسّر في هذه الحادثة (أبو الهيجاء) ، وأسّر كذلك (أحمد بن بدر) عم السيدة (أم المقتدر) وأسر كذلك كثير من جماعة وخدم الخليفة.
ثمّ أخذ أبو طاهر القرمطي ، جمال الحجّاج ، وسبي من اختار من النساء والرجال والصبيان ، وأخذهم إلى (هجر) وترك الباقين بلا جمال ، ولا ماء ، ولا طعام ، فمات أكثر الحجّاج عطشا (٣).
وكانت حصيلة القرمطي من هذه الحملة : ألف ألف دينار ، ومن الأمتعة والطيب وغيرها ما يقدر بألف ألف دينار أيضا ، وكان تعداد عسكره ثمانمائة فارس ومثلهم (رجّاله) (٤) ، وكان عمره حينذاك سبع عشرة سنة ، وكان عدد الأسرى الذين أخذهم : ألفين ومائتين من الرجال وخمسمائة من النساء.
ولمّا سمع أهالي بغداد بهذه الحادثة ، خرجت النساء في الشوارع ، وهنّ ناثرات الشعور ، مسودات الوجوه ، وانظمت اليهن نساء المنكوبين الذين
__________________
(١) حمدان عبد المجيد الكبيسي ـ عصر الخليفة المقتدر. ص ٥١٧.
(٢) الهمذاني ـ تكملة تاريخ الطبري. ص ٢٤٣ وابن الأثير ـ الكامل. ج ٨ / ١٢٣.
(٣) ابن الأثير ـ الكامل. ج ٨ / ١٤٧.
(٤) رجّاله : أي مشاة.