نكبهم (ابن الفرات) (١) فكان منظرا مؤلما تتفتت له الأكباد ، عندها ذهب (ابن الفرات) إلى (المقتدر) وأخبره بما حدث ، فقال له (نصر الحاجب) مستهزئا : (الآن تطلب الرأي ، وقد زعزعت أركان الدولة ، وعرضتها للخطر بإبعادك (مؤنس المظفر) الّذي يناضل الأعداء ، ومن الّذي سلّم رجال السلطان إلى القرمطي سواك) (٢)؟
ثمّ هجم الناس على (ابن الفرات) ورجموا سفينته ، ثمّ رجموا داره ، وصاحوا : (يا ابن الفرات .. أيّها القرمطي الكبير). فامتنع الناس عن الصلاة بالمسجد.
ثمّ قبض على ابن الفرات ، وابنيه ، وكان الناس يضربونه بالحجارة ويقولون : قد قبض على القرمطي الكبير ، ثمّ قتل ابن الفرات وابنه (المحسن) وأسندت الوزارة إلى أبي القاسم عبد الله بن محمّد الخاقاني.
ثمّ طلب (أبو الهيجاء) من (أبي طاهر القرمطي) أن يطلق سراح الأسرى ، فأطلقهم (القرمطي) على وجبات ، وكانت آخر وجبة أطلق معها سراح أبي الهيجاء ، وجماعة من أصحاب السلطان ، وقد أرسل معهم رسول ليوصلهم إلى بغداد. ولمّا وصل الأسرى إلى بغداد ، فرح الناس بعودتهم ، فأقيمت الاحتفالات والولائم التكريميّة لهم ولمبعوث أبي طاهر القرمطي.
وفي سنة (٣١٥) للهجرة ، انظمّ أبو الهيجاء إلى جانب (مؤنس المظفر) ضدّ الخليفة المقتدر ، وفي سنة (٣١٦) للهجرة ، انضمّ أبو الهيجاء أيضا إلى جانب (نازوك) رئيس الشرطة ضد المقتدر ، لأنّ المقتدر كان قد عزل أبا الهيجاء عن إمارة الدينور (٣).
__________________
(١) ابن الفرات : وزير المقتدر.
(٢) ابن الجوزي ـ المنتظم. ج ٦ / ١٨٨.
(٣) حمدان عبد المجيد الكبيسي ـ عصر الخليفة المقتدر بالله. ص ٥٣٠.