(القرمطي) وبين (جني الصفواني) و (ثمل الطرسوسي) وجماعة آخرين من بني شيبان ، فقتل خلال المعركة (جني الصفواني) وانهزم الباقون إلى بغداد ، وعند ذلك دخل (القرمطي) إلى الكوفة ، وأقام ستّة أيّام بظاهر الكوفة ، يدخل إليها نهارا ، فيقيم في مسجد الكوفة إلى اللّيل ، ثمّ يخرج ويبيت في معسكره ، ورجع بعد ذلك إلى بلده (هجر) بعد أن حمل من الكوفة ما قدر على حمله من الأموال ، والثياب ، وغير ذلك (١).
ولمّا سمع أهل بغداد بهذه الحادثة (المأساوية) انتقل أكثرهم إلى جانب الرصافة ، خوفا من القرامطة ، ولم يحجّ أحد في هذه السنة ، لا من أهل بغداد ، ولا من أهل خراسان (٢). وعند ذلك أمر الخليفة (المقتدر) مؤنس المظفر بالذهاب إلى الكوفة لطرد القرمطي.
ويحكى عن جعفر بن ورقاء أنّه قال : حينما أفضت الوزارة إلى عبد الرحمن بن عيسى وكان الخليفة (الراضي لله) قد حلف بأنّه لا يقبل من عبد الرحمن ، بأقلّ من مائة ألف دينار ، وكان كلّ ما عند عبد الرحمن هو عشرة آلاف دينار ، فقلت له (أي لعبد الرحمن) : دعني أدبّر لك الأمر ، فأخذت ورقة وكتبت فيها : (ضمن لمولانا أمير المؤمنين ، أطال الله بقائه ، جعفر بن ورقاء أن يصحح له لمن يأمره بتصحيح ذلك عنده ، عن عبد الرحمن بن عيسى مائة ألف دينار ، وأخذه إلى أيّ وقت أمره بتصحيحها). وقلت للوزير : أرسلها مع رسول ذكي ، يلاحظ ما يجري ، فعاد الغلام الّذي أرسل الكتاب بيده وقال : استدعاني الخليفة ، فدخلت عليه ، وهو جالس وفي يده الرقعة ممزّقة ، فقال : (من الّذي عند مولاك)؟ فقلت له : جعفر بن ورقاء.
__________________
(١) ابن الأثير ـ الكامل. ج ٨ / ١٥٦.
(٢) نفس المصدر السابق.