فقال : قل له : (يا أعرابي ، أردت أن تري الناس أنّ نفسك تتسع ، لا تغرم غمرا ، لا حرمة له ، وهو خادمي ، ما ضاقت نفسي عن شرّ له عليه فتظهر بذلك أنّك أكرم منّي ، والله لا كان هذا ، قل لمولاك ، أطلق عبد الرحمن ، وتردّ خط هذا الأعرابي الجلف ، وإنّي أكفّر عن يميني) ورمى بالرقعة ممزّقة (١).
وعند ما بويع (القاهر بالله) بالخلافة سنة (٣٢٠) للهجرة ، بعد (المقتدر) وجلس يوم البيعة ، لم يكن عليه إلّا قميصان ورداء ، فنزع جعفر بن ورقاء ثيابه الّتي كان يلبسها ، فلبسها (القاهر بالله) ثمّ جلس في الخيمة ، وسلّموا عليه بالخلافة (٢).
وكان جعفر بن ورقاء الشيباني ، قد ذهب إلى مكّة لأداء فريضة الحجّ ولمّا عاد جاء الناس يسلّمون عليه ، ويهنّئونه بالسلامة ، وقد تأخّر القاضي (محمّد بن يوسف) (أبو عمر) عن تهنئته بمناسبة عودته ، وكذلك تأخّر ابنه عمر (أبو الحسين) قاضي القضاة ، فكتب جعفر بن ورقاء اليهما عاتبا (٣) ، وكان جعفر قد ذهب إلى الحجّ ولم يوّدعهما.
أأستجفي أبا عمر وأشكو |
|
وأستجفي فتاه أبو الحسين؟ |
بأيّ قضية وبأيّ حكم |
|
ألحّا في قطيعة واصلين |
فما جاءا ولا بعثا بعذر |
|
ولا كانا لحقّي موجبين |
فإن نمسك ولم نعتب تمادى |
|
جلاؤهما لأخلص مخلصين |
نجلّ عن العتاب القاضيين |
|
وإن نعتب فحقّ غير أنّا |
__________________
(١) الهمذاني ـ تكملة تاريخ الطبري. ص ٣٩٠.
(٢) القرطبي ـ صلة تاريخ الطبري. ص ١٢٧.
(٣) القاضي التنوخي ـ نشوار المحاضرة. ج ١ / ٢٦ وابن الجوزي ـ المنتظم. ج ٦ / ٣٠٦ والزركلي ـ الأعلام. ج ٢ / ١٢٨.