وحزن (معزّ الدولة) على غلامه هذا بعد أسره ، وامتنع عن الطعام والشراب ، وقد احتجب عن الناس ، وكتب إلى (عضد الدولة) ، يطلب منه أن يرد غلامه ، وكتب أيضا إلى خواصّه المقربين منه أن يساعدوه برد الغلام ، حتّى صار أضحوكة بين الناس ، فعاتبه بعض جلسائه وخواصّه ، ونصحوه بالكفّ عن ذلك فما نفع شيئا (١).
ثمّ طلب (معزّ الدولة) من الشريف (٢) أبو أحمد الحسين بن موسى ، أن يتوسط لدى عضد الدولة على إطلاق سراح الغلام لقاء فدية جاريتين جميلتين (٣) ، لا مثيل لهما في الجمال وإذا لم يوافق عضد الدولة ، فله أن يزيد ما يشاء من الفداء (٤).
وكان عضد الدولة بن بويه ، قد عيّن أبا القاسم بن عبد العزيز بن يوسف الشيرازي الجكار وزيرا له ، ومنحه صلاحيات واسعة في إدارة الدولة ، وكانت حاشية عضد الدولة ، تغطي على أعمال أبي القاسم المشينة ، ولكن لم تدم الحال لأبي القاسم على الدوام ، إذ ذهب عضد الدولة إلى (همذان) وقد تبعه أبو محمّد الخرنباوي يطلب منه عملا (٥) ، فعلم أبو القاسم بخروج الخرنباوي مع عضد الدولة فخاف أن يفتضح أمره ، فطلب من عضد الدولة أن يردّ الخرنباوي ، ويبعده عن صحبته ، ويعطيه عملا في البصرة ، وأن يقيم فيها.
__________________
(١) ابن الجوزي ـ المنتظم. ج ١٤ / ٢٤٧.
(٢) الشريف أبو أحمد : وهو نقيب الطالبيين ، وأبو الشريفين ، السيدين ، الرضي والمرتضى ، المدفونين في الكاظمية قرب الصحن الشريف.
(٣) جاريتين : وقد سبق وطلب عضد الدولة من معزّ الدولة أن يبيعه جارية واحدة منهما بمائة ألف فرفض معزّ الدولة.
(٤) القاضي التنوخي ـ نشوار المحاضرة. ج ٥ / ٨٦.
(٥) الخرنباوي : وكان ذكيا ، وصاحب رأي ودراية ، وفضل ورزانة.