بالرسل والهدايا حتّى استماله إليه ، ثمّ جمع قرواش أهل الموصل ، وأخبرهم بطاعته (لحاكم مصر) وإنّه قرر إقامة الدعوة له ، وطلب منهم موافقتهم على ذلك ، فاستجابوا له ظاهرا ، ولكنّهم في قرارة أنفسهم يضمرون الرفض والحقد عليه ، فأرسل قرواش إلى خطيب يوم الجمعة فخلع عليه ، وطلب منه أن يخطب في الناس الخطبة الآتية (١) : (الله أكبر ، الله أكبر ، لا إله إلّا الله وله الحمد ، الّذي انجلت بنوره غمرات الغضب ، واتقدت بقدرته أركان النصب .. وأشهد أن محمّدا عبده ورسوله صلّى الله عليه ، اصطفاه واختاره لهداية الخلق ، وإقامة الحقّ ، فبلغ الرسالة ، وهدى الضلالة ، والناس حينئذ من الهوى غافلون ، وعن سبيل الحقّ ضالون ، فأنقذهم من عبادة الأوثان ، وأمرهم بطاعة الرحمن ، حتّى قامت حجج الله وآياته ، وتمت بالتبليغ كلماته (صلى الله عليه وعلى أوّل مستجيب له عليّ أمير المؤمنين ، وسيد الوصيين ، أساس الفضل والرحمة ، وعماد العلم والحكمة ، وأصل الشجرة الكرام البررة النابتة في الأروم المقدسة المطهرة ، وعلى خلفائه البواسق من تلك الشجرة وعلى ما خلص منها ، وزكا من الثمرة) (٢). وكانت الخطبة سنة (٤٠١) (٣) للهجرة.
ولمّا سمع الخليفة (القادر بالله) بذلك ، غضب غضبا شديدا على
__________________
(١) ابن الجوزي ـ المنتظم. ج ٧ / ٢٤٩.
(٢) وهي خطبة طويلة ، ومن أراد الإطلاع عليها كاملة مراجعة ـ المنتظم لأبن الجوزي. ج ٧ / ٢٤٩.
(٣) ابن الأثير ـ الكامل. ج ٩ / ٢٢٣.