قياما ينظرون إلى سعيد |
|
كأنّهم يرون به هلالا |
وعند ما كان الفرزدق مقيما في المدينة قال (١) :
هما دلتاني من ثمانين قامة |
|
كما انقض باز أقتم الريش كاسره |
فلمّا استوت رجلاي في الأرض قالتا |
|
أحيّ فيرجى؟ أمّ قتيل تحاذره؟ |
فقلت : ارفعا الأسباب لا يشعروا بنا |
|
وأقبلت في اعجاز ليل أبادره |
أحاذر بوّابين قد وكّلا بنا |
|
وأسود من ساج نصرّ مسامره |
فلمّا سمع أهل المدينة هذه الأبيات ، ذهبوا إلى مروان بن الحكم (٢) ، وقالوا له : إنّ هذا الشعر ، قد أساء إلى أزواج النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم ، وإنّ الفرزدق بشعره هذا ، قد أوجب عليه" الحدّ" فأمر مروان بإخراج الفرزدق من المدينة ، ولمّا سمع الفرزدق ، هرب وذهب إلى سعيد بن العاص ، وكان عنده الحسن والحسين وعبد الله بن جعفر "عليهمالسلام" فأخبرهم بقصته ، فأعطاه كلّ واحد منهم مائة دينار ، ثمّ ذهب إلى البصرة (٣).
وعند ما كان سعيد بن العاص أميرا على الكوفة كتب إلى عثمان بن عفّان يخبره بأن جماعة من أهل الكوفة : (يعيبوني ، ويعيبوك ، ويطعنون في ديننا ، وقد خشيت أن يكثروا فيثبت أمرهم). فكتب إليه عثمان : (سيّرهم إلى معاوية) ، وكان معاوية آنذاك أميرا على الشام ، فسيّرهم سعيد إلى معاوية ، وكانوا تسعة أشخاص فيهم : مالك الأشتر ، وثابت بن قيس بن منقع ، وكميل بن زياد النخعي ، وصعصعة بن صوحان.
وعند ما ذهب طلحة والزبير وعائشة ومؤيدوهم إلى البصرة كان سعيد بن العاص معهم فخطب فيهم وقال : (أما بعد فإنّ عثمان عاش حميدا ،
__________________
(١) ابن خلكان ـ وفيات الأعيان. ج ٦ / ٩٠.
(٢) مروان بن الحكم : كان أميرا على المدينة" آنذاك" من قبل معاوية بن أبي سفيان.
(٣) ابن خلكان ـ وفيات الأعيان. ج ٤ / ٩٠.