" معركة نهاوند" بألفي ألف درهم عند ما كان في البصرة ، ثمّ باعها في الكوفة بضعف ما اشتراها (١).
وعند ما دخل عبد الملك بن مروان إلى الكوفة سنة (٧١) للهجرة ، وذلك بعد مقتل مصعب بن الزبير ، أقام له عمرو بن حريث ، مأدبة كبيرة في" قصر الخورنق" (٢) قدّم فيها ما لذّ وطاب من أنواع الطعام والشراب ، وعند ما دخل عمرو بن حريث إلى القصر ، أجلسه عبد الملك معه على سريره ، وبعد ما فرغوا من الطعام ، قال عبد الملك لعمرو بن حريث :
(ما ألذّ عيشنا لو دام ، ولكنّنا كما قال الأول (٣) :
وكلّ جديد يا أميم إلى بلى |
|
وكل امرئ يصير يوما إلى كان |
ثمّ أخذ عبد الملك يتجول في القصر ، ومعه عمرو بن حريث ، وهو يسأله : لمن هذا القصر؟ ومن بناه؟ وعمر بن حريث يجيبه على أسئلته ، فقال عبد الملك :
إعمل على مهل فإنّك ميّت |
|
واكدح لنفسك أيّها الإنسان |
فكأنّ ما قد كان لم يك إذ مضى |
|
وكأنّ ما هو كائن كان |
وقيل : تزوج عمرو بن حريث ابنة أسماء بن خارجة ، فقالت له ذات يوم : (ما أحسبك وأبي تقرآن من كتاب الله إلّا حرفين). قال وما هما؟ قالت : (كان أبي يقرأ : (وَما أَنْفَقْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَهُوَ يُخْلِفُهُ وَهُوَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ)(٤) وأنت تقرأ : (إِنَّ الْمُبَذِّرِينَ كانُوا إِخْوانَ الشَّياطِينِ)(٥).
__________________
(١) تاريخ الطبري. ج ٤ / ١١٧ وأحمد صالح العلي ـ التنظيمات الاجتماعية والاقتصادية في البصرة. ص ٢١٩.
(٢) قصر الخورنق : بناه النعمان بن امرؤ القيس بظهر الحيرة ، واستغرق بناؤه ستين سنة ، بناه رجل رومي ، ولمّا أكمل بناءه قذفه النعمان من أعلى القصر فمات ، فضرب به المثل المشهور : (جزاء سنمار).
(٣) تاريخ الطبري. ج ٦ / ١٦٧ وابن الأثير ـ الكامل. ج ٤ / ٣٣٢.
(٤) سورة سبأ : الآية ٣٩.
(٥) سورة الإسراء : الآية ٢٧.