وكان عمرو بن حريث من الّذين شهدوا على حجر بن عدي الكندي (١) وجماعته ، أمام زياد بن أبيه ، وكانت تلك الشهادة مما سببت في قتل حجر وجماعته من قبل معاوية بن أبي سفيان ، وكان عمرو بن حريث آنذاك أحد رؤوس الأرباع في الكوفة ، وكان على ربع أهل المدينة (٢).
ولمّا مات يزيد بن معاوية بن أبي سفيان سنة (٦٤) للهجرة (٣) ، وكذلك مات ابنه معاوية الثاني ، كان الأمير على العراق عبيد الله بن زياد ، وكان آنذاك في البصرة ، وعلى الكوفة خليفته عمرو بن حريث. فخطب عبيد الله بن زياد في أهل البصرة قائلا : (إنّ يزيد بن معاوية قد مات ، وقد لحقه ابنه معاوية فمات أيضا ، ولم يستخلف أحدا للخلافة ، وبقي الأمر شورى) (٤).
وقال في خطبته أيضا : (لا أرض اليوم أوسع من أرضكم ، ولا عدد أكثر من عددكم ، ولا مال أكثر من مالكم ، ففي بيت مالكم مائة ألف ألف درهم ، ومقاتلتكم ستون ألفا ، وعطاؤهم ، وعطاء العيال ستون ألف ألف درهم ، فانظروا رجلا تنظرونه يقوم بأمركم ، ويجاهد عدوكم ، وينصف مظلومكم من ظالمكم ، ويوزع بينكم أموالكم) (٥).
فقام إليه أشراف أهل البصرة ، ومنهم : الأحنف بن قيس وقيس بن الهيثم السلمي ومسمع بن مالك العبدي ، وقالوا له : (ما نعلم ذلك الرجل غيرك أيّها الأمير ، وأنت أحقّ بهذا الأمر من غيرك).
__________________
(١) حجر بن عدي : سوف نتكلم عنه عند ترجمة زياد بن أبيه.
(٢) تاريخ الطبري. ج ٥ / ٢٦٨.
(٣) ابن العماد ـ شذرات الذهب. ج ١ / ٢٨٦.
(٤) المسعودي ـ مروج الذهب. ج ٣ / ٨٤.
(٥) نفس المصدر السابق.