وثواب الدنيا الغنيمة ، قال الله العظيم (وَمَنْ يُرِدْ ثَوابَ الدُّنْيا نُؤْتِهِ مِنْها ، وَمَنْ يُرِدْ ثَوابَ الْآخِرَةِ نُؤْتِهِ مِنْها)(١) / [م ٢٠].
وعليه / [س ٣٩] أن لا يمايل من ناسبه أو صاحبه أو قاربه أو وافق رأيه ومذهبه على من باينه في شئ من ذلك ، فيكون ذلك داعية إلى تفريق الكلمة والتّشاغل بالتقاطع والمضاغنة والاختلاف ، بل يداري ويرفق ويظهر التسوية في القرب والتكافؤ في الحكم ، والتجافي عن التخصيص بالعتب والذمّ. بل يشمل فيما يكره بأن يقول : ينبغي أن لا يفعل كذا ، وفيما يجب : يجب أن يفعل كذا ، كان رسول الله صلىاللهعليهوسلم إذا كره بعض الأمور قام خطيبا ثم قال : ما بال قوم يفعلون كذا ثمّ ينهى عموما أو يأمر عموما. وقد فعل ذلك عمر رضياللهعنه وهو حسن في النّظر (٢).
وقد أغضى رسول الله صلىاللهعليهوسلم عن المنافقين وهم أضداد في الدّين وأعداء المسلمين ، لكنّهم لمّا استتروا بالإسلام واتّسموا بصحبة خير الأنام ، أجرى عليهم حكم الظاهر (٣) ، حتى قال له بعض أصحابه : «دعني أقتل هذا المنافق ـ يعني عبد الله بن أبيّ ابن سلول ـ فقال النبيّ صلىاللهعليهوسلم : أخاف أن يقال : محمد يقتل أصحابه» (٤) فعلّمنا بذلك المداراة والصبر على الأذى واحتمال المكروه مخافة اختلاف الظنون واقتحام الأهواء على السرّ المكنون. وفيه صلىاللهعليهوسلم الأسوة الحسنة ، فكثّر بهم العدد وشدّ بهم الشوكة ، وكمّل بهم العدّة ، ووكلهم في ضمائرهم وسرائرهم إلى علّام
__________________
(١) سورة آل عمران ٣ : ١٤٥ والنقل عن الأحكام السلطانية : ٤٣.
(٢) انظر الأحكام السلطانية : ٣٧.
(٣) الأحكام السلطانية : ٣٧.
(٤) انظر الخبر بتفصيله في السيرة النبوية : ٢ : ٧٦١.