قيل : فما رئي يومئذ أحد كان أشدّ منه.
وعن العباس (١) رضياللهعنه قال : لمّا التقى المسلمون والكفّار وولّى المسلمون مدبرين فطفق النبيّ ـ صلىاللهعليهوسلم ـ يركض بغلته نحو الكفّار وأنا أخذ بلجامها أكفّها إرادة أن لا تصرع ، وأبو سفيان أخذ بركابه ثم نادى : يا المسلمون.
قيل : وكان رسول الله ـ صلىاللهعليهوسلم ـ إذا غضب ـ ولا يغضب إلا لله ـ لم يقم لغضبه شيء.
ولمّا رآه أبيّ بن خلف (٢) يوم أحد وهو يقول : أين محمد ـ لا نجوت إن نجا ـ وقد كان يقول للنبي ـ صلىاللهعليهوسلم ـ حين افتدي يوم بدر : عندي فرس أعلفها كلّ يوم فرقا (٣) من ذرة أقتلك عليها. فقال له النبي ـ صلىاللهعليهوسلم ـ أنا أقتلك إن شاء الله. فلمّا رآه يوم أحد شدّ أبيّ على فرسه على رسول الله ـ صلىاللهعليهوسلم ـ فاعترضه رجال من المسلمين. فقال النبيّ ـ صلىاللهعليهوسلم ـ هاكذا ـ أي
__________________
(١) العباس بن عبد المطلب ٥١ ق. ه ـ ٣٢ ه ـ ٥٧٣ ـ ٦٥٣ م : ابن هاشم بن عبد مناف ، أبو الفضل ، من أكابر قريش في الجاهلية والإسلام ، وجدّ الخلفاء العباسيين وهو عمّ الرسول (صلىاللهعليهوسلم) ، كان محبا لقومه سديد الرأي واسع العقل ، مولعا بإعتاق العبيد ، وكانت له سقاية الحاج وعمارة المسجد الحرام (وهي أن لا يدع أحدا يسبّ أحدا في المسجد ولا يقول فيه هجرا) أسلم بمكة وكتم إسلامه وأقام بمكة يكتب لرسول الله (صلىاللهعليهوسلم) أخبار المشركين ثم هاجر إلى المدينة وشهد وقعة حنين وفتح مكة. توفي بالمدينة الإصابة ٤ : ٣٠ برقم ٤٤٩٨ والأعلام ٣ : ٢٦٢. والأخبار المشار إليها هي في غزوة حنين.
(٢) أبيّ بن خلف ت ٣ ه ـ ٦٢٥ م : أبيّ بن خلف بن وهب بن حذافة بن جمح ، كان يحارب رسول الله (صلىاللهعليهوسلم) ويتعرّض له ويمنع الناس من مجالسته. وكان من سادة قريش.
وكان يهدد الرسوله (صلىاللهعليهوسلم) وحاول قتل الرسول ه (صلىاللهعليهوسلم) يوم أحد فقتله الرسول (صلىاللهعليهوسلم) بيده ذلك اليوم. السيرة النبوية ٢ : ٦٠٢ و ٦٠١ و ٦٣٦.
(٣) الفرق : مكيال بالمدينة يسع ثلاثة أصع أو ستة عشر رطلا عن حواشي السيرة ٢ : ٦٠٢.