الإمكان ، وصورتها تظهر بالمغالبة والصبر ولذلك قال الأحنف (١) وقد سئل عنها فقال : صبر ساعة (٢) وسئل أبو جهل عنها فقال : الصبر على حدّ السيوف فواق ناقة (٣) ـ وذلك ما بين الحلبتين من مهلة ـ.
قال بعضهم : الشجاعة هي فضيلة قوة الغضب ، ويعني بالفضيلة الاعتدال وهو استعمال تلك الصورة حيث ينبغي ، واستعمالها حيث لا ينبغي هو طرف الجور والتهوّر حتّى إنه ربّما ألقى بيده إلى التهلكة.
وطرف التقصير والذلّ هو الجبن ومعناه الخوف من غلبة المعترض والإلقاء بيد الذلّ مع إمكان الغلب ، وذلك أنّ تلك الصورة إمّا أن تكون طرفا أو واسطة والطرف مذموم. وهو أحد شيئين : إمّا إفراط / [م ٥٨] وجور وإمّا تقصير وذلّ. والواسطة هي صورة الخير وخير الأمور أوسطها. فإذا صحّ هذا فإنّما يحمد الفعل إذا صدر عن الرأي فيسمّى حينئذ حزما ومعناه فعل ما ينبغي كما قال أبو الطيب المتنبي (٤) :
__________________
(١) الأحنف بن قيس ٣ ق. ه ـ ٧٢ ه ـ ٦١٩ ـ ٦٩١ م : الأحنف بن قيس بن معاوية بن حصين المرّي السعدي المنقري التميمي أبو بحر ، سيد تميم وأحد العظماء الدهاة الفصحاء الشجعان الفاتحين ، يضرب به المثل في الحلم ولد في البصرة وأدرك النبي (صلىاللهعليهوسلم) ولم يره ووفد إلى عمر حين آلت الخلافة إليه في المدينة فاستبقاه عمر ومكث عاما وأذن له فعاد إلى البصرة وشهد الفتوح في خراسان ، واعتزل الفتنة يوم الجمل وشهد صفين مع علي ثم وفد على معاوية وولي خراسان وكان صديقا لمصعب بن الزبير فوفد عليه بالكوفة وتوفي عنده.
تهذيب التهذيب ١ : ١٩١ والأعلام ١ : ٢٧٦.
(٢) سراج الملوك ٢ : ٦٦٧.
(٣) سراج الملوك ٢ : ٦٦٧.
(٤) المتنبي ٣٠٣ ـ ٣٥٤ ه ـ ٩١٥ ـ ٩٦٥ م : أحمد بن الحسين بن الحسن بن عبد الصمد الجعفي الكوفي الكندي ، أبو الطيب المتنبي الشاعر الحكيم ، له الأمثال السائرة والحكم البالغة ، ولد في الكوفة ونشأ بالشام وتنقّل في البادية. وسجنه لؤلؤ أمير حمص لادّعائه النبوة ، حتى ـ