وكان مالك بن عبد الله الخثعميّ (١) وهو على الصائفة يقوم في الناس كلّما أراد أن يرحل ، فيحمد الله تعالى ويثني عليه ثمّ يقول : إنّي دارب بالغداة إن شاء الله درب كذا وكذا فيتفرّق الجواسيس عنه بذلك ، فإذا أصبح سلك بهم طريقا أخرى ، وكانت الروم تسمّيه الثعلب (٢).
قال ابن الكلبي (٣) : لمّا فتح عمرو بن العاصي قيساريّة (٤) سار حتّى نزل على غزّة (٥) ، فبعث إليه علجها أن أرسل إليّ رجلا من أصحابك أكلّمه ففكّر عمرو وقال : ما لهذا أحد غيري. قال : فخرج حتى دخل على العلج فكلّمه فسمع كلاما [س ٩٨] لم يسمع قطّ كلاما مثله. فقال له العلج : حدّثني هل في أصحابك أحد مثلك؟
قال : لا تسل عن هواني عليهم إذ بعثوني إليك وعرّضوني لما عرّضوني له ولا يدرون ما تصنع بي.
قال : فأمر لي بجائزة وكسوة ، وبعث إلى البوّاب :
__________________
(١) في أصلنا : عبد الله بن مالك الخثعمي والصواب ما أثبتناه كما ورد في العقد ١ : ١٢٧ ونهاية الأرب ٦ : ١٧٦ ومالك هو ابن عبد الله بن سنان بن سرح الخثعمي أبو حكيم المعروف بمالك السرايا ومالك الصوائف. تابعيّ ، من كبار القادة ، من أهل فلسطين ولي الصوائف زمن معاوية ثم يزيد ثم عبد الملك ومات غازيا في أرض الروم ، فكسر المسلمون على قبره أربعين لواء حدادا عليه ـ عن الأعلام ٦ : ٢٦٣.
(٢) الخبر في العقد ١ : ١٢٧ ونهاية الأرب ٦ : ١٧٦.
(٣) ابن الكلبي ت ٢٠٤ ه ـ ٨١٩ م : هو هشام بن محمد بن السائب بن بشر الكلبي أبو المنذر ، مؤرخ عالم بالأنساب وأخبار العرب وأيامها كأبيه. من أهل الكوفة ووفاته فيها. الأعلام ٨ : ٨٧.
(٤) قيساريّة : بلد على ساحل الشام ، تعدّ في أعمال فلسطين ، بينها وبين طبرية ثلاثة أيام ، كانت قديما من أعيان أمهات المدن واسعة الرقعة طيبة ، كثيرة الخير والأهل وذكر ياقوت أنها في أيامه هي أشبه بالقرى منها بالمدن. عن معجم البلدان ٤ : ٤٧٨.
(٥) غزة : مدينة في أقصى الشام من ناحية مصر وهي من نواحي فلسطين غربي عسقلان معجم البلدان ٤ : ٢٢٩.