إذا مرّ بك [م ٧٣] فاضرب عنقه وخذ ما معه.
فخرج من عنده ، فمرّ برجل من النّصارى من غسّان فعرفه فقال له : يا عمرو ، قد أحسنت الدخول فأحسن الخروج. ففطن عمرو لما أراده فرجع فقال له الملك : ما ردّك إلينا؟
قال : نظرت فيما أعطيتني فلم أجد ذلك يسع بني عمّي ، فأردت أن آتيك بعشرة منهم فتعطيهم هذه العطية الجزيلة ، فيكون معروفك عند عشرة خيرا من أن يكون عند واحد.
قال : صدقت ، عجّل بهم. وبعث إلى البوّاب أن خلّ سبيله.
فخرج عمرو وهو يلتفت ، حتى إذا أمن قال : لا عدت لمثلها أبدا.
فلما صالحه عمرو دخل عليه العلج فقال له : أنت هو!!
قال : نعم ، على ما كان من غدرك (١).
وذكروا أنّ ملكا من ملوك العجم كان معروفا ببعد الغور ويقظة الفطنة وحسن السياسة ، وكان إذا أراد محاربة ملك من الملوك وجّه إليه من يبحث عن أخباره وأخبار رعيّته قبل أن يظهر محاربته فيكشف عن ثلاث خصال من خلاله ، فكان يقول لعيونه : انظروا هل ترد على الملك أخبار رعيّته على حقائقها أم يختدعه عنها المهدي ذلك إليه ، وانظروا إلى الغنيّ في أيّ صفّ هو من رعيته؟ أفي [س ٩٩] من اشتدّ أنفه وقلّ شرهه أم في من قلّ أنفه واشتدّ شرهه. وانظروا إلى أيّ صنفي رعيّته القوّام بأمره ، أممّن نظر ليومه وغده أم ممّن شغله يومه عن غده؟
__________________
(١) الخبر في العقد ١ : ١٢٤.