فإن قيل له : لا يختدع عن أخباره ، والغنى فيمن قلّ شرهه واشتدّ أنفه ، والقوّام بأمره ممّن نظر ليومه وغده ... قال : اشتغلوا عنه بغيره ، وإن قيل له ضدّ ذلك قال : نار كامنة تنتظر موقدا وأضغان مزمّلة تنتظر مخرجا ، اقصدوا له ، فلا حين أحين من سلامة مع تضييع ، ولا عدوّ أعدى من أمن أدّى إلى اغترار (١).
فمن جاور عدوّه كأهل هذا القطر ، وساكنه بنحو هذا القرب ، قمن أن يوقظ عين بصيرته ، ويذكي قلب حزامته ، ويكون بالحيلة أوثق منه بالشدّة ، وبالحذر أفرح منه بالنّجدة ، ويعلم أنّ الحرب حرب ، وترك الحذر فيها عطب ، وإن كان الحذر لا ينجي من القدر ، كما أنّ الصبر من أسباب الظّفر ، ولينتهز الفرصة عند إمكانها ، ولا يؤخرها في وقتها وإبانها.
ولا بأس أنكى من تثبّت حازم |
|
ولا درع أوقى للنفوس من الصّبر |
__________________
(١) الخبر في العقد ١ : ١٢٦.