المشاكل الكثيرة ، فقد أثار تمركز المسلمين في يثرب ، وتعالي شوكتهم ، وتعاظم أمر الرسالة الإسلاميّة حفيظة الكفّار والمشركين ، وخوفهم وقلقهم من مستقبل الأمر ، ودفعهم ذلك إلى التعرّض للرسول والمسلمين في المدينة اكثر من مرة.
وهذه الحملات والتحرشات وإن كانت تواجه موقفاً شجاعاً وقوياً من المسلمين بقيادة الرسول الأكرم صلىاللهعليهوآلهوسلم وكانت تعود في كل مرة بالويل والخيبة على أصحابها ، كما تشهد بذلك وقائع بدر وأحد والأحزاب وغيرها ، إلاّ أنهّا كانت ـ ولا شكّ ـ تأخذ الكثير الكثير من أهتمام الرسول ووقته الذي كان يصرفه إلى تجهيز المسلمين وتهيئتهم لصد العدوان ، ومواجهة الأعداء أو إبطال المؤامرات التي كانت تبيّت ضدّ الدولة الإسلاميّة الفتيّة ، الحديثة التأسيس في المدينة المنوّرة.
هذا إلى جانب المشاكل الداخلية التي كان يثيرها المنافقون واليهود الذين كانوا ـ كما قلنا ـ بمثابة الطابور الخامس ، وكان لهم دور كبير في إثارة البلبلة في صفوف المسلمين ، وخلق المتاعب للقيادة من الداخل ، وكانوا بذلك يفوّتون الكثير من الوقت الذي كان يمكن أن يصرف على تربية المسلمين وتعبئتهم الفكريّة واعدادهم العلميّ ، وتعليمهم ما يعينهم على حلّ كلّ ما قد يطرأ على حياتهم ويستجدّ من مشكلات ومسائل وحوادث في المستقبل.
إنّ اشتراك النبيّ في (٢٧) غزوة ، كان البعض منها يستغرق أكثر من شهر ، والاشتغال ببعث وتسيير ما يقارب (٥٥) سرّية لقمع المؤمرات وإبطالها ، وصدّ التحركات العدوانيّة.
وبالتالي ، أنّ ماصرفه الرسول القائد في مواجهة المثلّث التآمري ( اليهود ـ المنافقون ـ المشركون ) اخذ من وقت الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم واهتمامه وجهده ما لو اتيح له أن يصرفه على تعبئة المسلمين علميّاً ، وتربيتهم فكرياً ، لأتى بثمار كبيرة وكثيرة.
على أنّ الوظائف المهمة التي كان يضطلع بها النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم ويقوم بها بنفسه لم تقتصر على هذه الاُمور ، بل كانت تقع على كاهله مهمّة : ( عقد الاتفاقيّات السياسيّة