فإنّكم خزّان الرّعيّة ووكلاء الاُمّة » (١).
ويؤيّد ذلك أيضاً ما روي حول الآية عن الإمام عليّ عليهالسلام أنّه قال : « حقّ على الإمام أن يحكم بما أنزل الله وأن يؤدّي الأمانة ، فإذا فعل ذلك فحقّ على الناس أن يسمعوا له وأن يطيعوه ، وأن يجيبوه إذا دعوا » (٢).
فهذه العبارات صريحة في كون الاُمّة هي صاحبة الأمانة ، التي هي الحكومة والسيادة ، لأنّ الحكام حسب هذه النصوص ليسوا إلاّ حفظةً للسلطة وحراسها ... وخزاناً لها لا أصحابها. ويؤيّد ذلك أيضاً ، أنّ الروايات والأحاديث تضافرت من أهل البيت عليهمالسلام حول الآية ، وهي تفسرها بالإمامة التي يجب على كلّ إمام أن يؤدّيها إلى الإمام الذي بعده.
ففي تفسير البرهان في قوله تعالى : ( إِنَّ اللهَ يَأْمُرُكُمْ أَن تُؤَدُّوا الأَمَانَاتِ ... إلى آخر قوله تعالى ... ) عن زرارة عن الإمام الباقر عليهالسلام قال : سألته عن قول الله عز وجل : ( إِنَّ اللهَ يَأْمُرُكُمْ أَن تُؤَدُّوا ... ) فقال عليهالسلام : « أمر الله الإمام أن يؤدّي الأمانة إلى الإمام الّذي بعده ليس له أن يزويها عنه ، ألا تسمع قوله : ( وَإِذَا حَكَمْتُم بَيْنَ النَّاسِ أَن تَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ إِنَّ اللهَ نِعِمَّا يَعِظُكُم بِهِ ) هي الحكّام يا زرارة ، إنّه خاطب بها الحكّام » (٣).
نعم ، إنّ الجمع بين المعنى ( وهو كون المقصود من الأمانة هو الحكومة التي تسلمّها الاُمّة إلى الحاكم ) والمعنى الثاني ( الذي روي عن أهل البيت من أنّ المقصود هو أداء كلّ إمام الإمامة إلى من بعده ) يحتاج إلى تأمّل ودقة تفكير.
ويؤيّد ما ذهبنا إليه ، أنّ المفسر الإسلاميّ الكبير الطبرسيّ فسّر ( الأمانة ) في الآية بأنّ المراد هو ( الفيء وغير الفيء ) الذي يجب إيصاله إلى الاُمّة ، أصحابها
__________________
(١) نهج البلاغة : الرسالة رقم (٥١٥).
(٢) الأموال لأبي عبيد : ١٢ ، ٣٨٨.
(٣) تفسير الميزان ٥ : ٣٨٥ نقلاً عن البرهان قال العلاّمة الطباطبائيّ : وصدر هذا الحديث مرويّ بطرق كثيرة عنهم عليهمالسلام.