فإنّ يد الله على الجماعة وإيّاكم والفرقة ، فإنّ الشاذّ من النّاس للشّيطان ، كما أنّ الشاذّ من الغنم للذئب ألا من دعا إلى هذا الشّعار فاقتلوه ، ولو كان تحت عمامتي هذه » (١).
وقال عليهالسلام في حديث آخر : « من فارق جماعة المسلمين ونكث صفقة الإمام جاء إلى الله عزّ وجلّ أجذم » (٢).
وقال الإمام الصادق جعفر بن محمّد عليهالسلام : « من فارق جماعة المسلمين قيد شبر فقد خلع ربقة الإسلام من عنقه » (٣).
إلى غير ذلك من النصوص الإسلاميّة الداعية إلى رصّ الصفوف ، وتعميق الوحدة ، وجمع الكلمة ، ومن المعلوم أنّ ذلك لا يمكن ان يتحقّق إلاّ بوجود دولة وجهاز يؤلّف بين الآراء ويجمع الكلمة ، ويوفّق بين المصالح ، ويحافظ على العلاقات ، ويعيد الشاذّ إلى رشده والخارج إلى صفّه ، إذ لولا ذلك الجهاز( الدولة ) لذهب كلُّ فريق مذهباً ، واتّخذت كلُّ جماعة طريقاً ، وتمزّق المجتمع أشتاتاً ، وعادت الوحدة اختلافاً وتفرقة.
وصفوة القول : أنّ الدولة عامل الوحدة ورمز التآلف ، بقدر ما هي طاردة للفرقة ، وما نعة عن التخالف.
الثانية : أنّ ملاحظة ذات القوانين الإسلاميّة في مختلف المجالات الحقوقيّة والاجتماعيّة والماليّة تفيد أنّ طبيعتها تقتضي وجود الدولة.
فالإسلام الذي دعا إلى الجهاد والدفاع ، ودعا إلى إجراء الحدود والعقوبات على العصاة والمجرمين ودعا إلى انصاف المظلوم ، وردع الظالم ، وسنّ نظاماً خاصاً وواسعاً للمال.
إنّ الدعوة إلى كلّ هذه الأحكام تدلُّ ـ بدلالة التزاميّة ـ على أنّ الله قد فرض وجود دولةً قويةً تقوم بإجرائها في المجتمع.
إنّ الإسلام ليس مجرد أدعية خاوية أو طقوس ومراسيم فرديّة يقوم بها كلُّ فرد في
__________________
(١) نهج البلاغة الخطبة ١٢٣ طبعة عبده.
(٢) الكافي ١ : ٤٠٥ كتاب الحجة.
(٣) الكافي ١ : ٤٠٥ كتاب الحجة.