إنّ الحكومات غير الإسلاميّة حيث لا تنطلق من أيديولوجيّة جامعة للروح والجسد والمادّة والمعنى ولا ترى لنفسها من وظيفة إلاّ توفير الحاجات الماديّة وتلبية النداءات الجسديّة للناس فقط ، ترى من واجبها أن تهيّء لشعوبها كلّ ما يرضيهم في هذا الجانب فلا تأل جهداً في توفير وسائل الاستمتاع واللذة من دون النظر إلى ماهيتها وآثارها وعواقبها السيّئة. فهي تخصّص الميزانيات الضخمة والأموال الطائلة لبرامج الترفيه ، واللهو والتسلية ، ولكي تسد هذه النفقات وتوفّر هذه الميزانيات الهائلة تحصل المال من كلّ سبيل حرام كالتجارة بالخمور ، ووضع الضرائب على البغاء ، والفحشاء والقمار ، وغير ذلك من الموارد المحرّمة التي لو عمدت إلى حذفها لأختلت ميزانيّاتها ، وأصيبت بالنقص والشلل والعجز.
ولكن الحكومة الإسلاميّة حيث تنطلق من المنطلق الإسلاميّ الذي يوفّق بين الجانب الماديّ والمعنويّ تسعى جهدها في الاهتمام بالجوانب الروحيّة إلى جانب النواحي الماديّة فلا تضحّي بمعنويات الشعوب واخلاقهم ، وهي لذلك لا تفعل ما تغعله الحكومات الاُخرى من تحصيل مواردها من الطرق والسبل الماديّة المحّرمة فلا تعتمد على عائدات القمار والخمور والبغاء وغير ذلك.
لقد حرّم الإسلام كلّ هذه المكاسب وحرّم ما يحصل منها من أموال ، وحظرها على الاُمّة الإسلاميّة في حين تشكّل هذه المكاسب أهم الموارد الاقتصاديّة للحكومات غير الإسلاميّة ولقد حرّم هذه المكاسب لأخطارها على الجانب المعنويّ والأخلاقيّ للاُمّة ولما لها من تبعات سيّئة في حياتها الروحيّة.
إنّ العناية والاهتمام بالجانب الروحيّ ليست فقط إحدى الوظائف التي تضطلع بها الحكومة الإسلاميّة بل هي أهمّ وظيفة من وظائفها إذ في ظل استقامة هذا الجانب يستقيم الجانب الماديّ ، ويسعد البشر في الحياة الدنيويّة (١) ، ولهذا كان النبيّ يوصي
__________________
(١) ونعم ما قال القائل :
وإنّما الاُمم
الأخلاق ما بقيت |
|
فإن هُمو ذهبت
أخلاقهم ذهبوا |