الحيوان ، وتباع وتشترى كما يشترى ويباع المتاع ، حتّى جاء الإسلام وأولاهنّ ما أولاه من الرفعة بعد الضعة ، والشرف بعد المقت والعزّة بعد الإهانة والذّل ، فتخرّج منهنّ الكاتبات والأديبات والعالمات ، والراويات ، وربّات الفكر والرأي ، وذوات الشخصيّة والشأن الكبير.
على أنّ النساء لم يحصلن على حقوقهنّ في التعليم في ظلّ الحكومة والشريعة الإسلاميّة فقط ، بل حصلن على حقوق عادلة في التسوية مع الرجال في اعتناق الدين ، واستحقاق الثواب الاُخرويّ ، والاحترام الدنيويّ ، والميراث ، والزواج وحقوق الزوجيّة ، والطلاق ، والنفقة ، والوصيّة.
وجملة القول ؛ أنّه ما وجد دين ولا شرع ولا قانون في اُمّة من الاُمم أعطى النساء ما أعطاهنّ الإسلام من الحقوق والعناية والكرامة ، في جميع المجالات الإنسانيّة.
هذا ولقد كان الإسلام أوّل من عمل على محو الاُميّة ونشر الثقافة والعلم وتعميمها في أوساط الناس فيما كانت الحكومات المعاصرة لعصر النبوّة المحمديّة ـ كالأجهزة الحاكمة في إيران ـ تحظر العلم والثقافة على طبقات الشعب وتحرم اكتسابهما إلاّ على الأُمراء وأبناء الاُمراء ، وطبقة المؤبذين ( وهم رجال الدين الزرادشتي ) (١).
وإنّ أدلّ دليل على سعي الإسلام لمحو الاُميّة قبل أي أحد هو ما فعله النبيّ الأكرم صلىاللهعليهوآلهوسلم مع أسرى بدر حيث جعل فداء بعض الأسرى الذين كانوا يعرفون القراءة والكتابة ، تعليم أولاد المسلمين : القراءة والكتابة.
فقد روى الحلبي في سيرته ذلك قائلاً : ( بعثت قريش في فداء الأسارى وكان الفداء فيهم على قدر أموالهم ، وكان من أربعة آلاف إلى ثلاثة آلاف درهم إلى ألفين إلى ألف. ومن لم يكن معه فداء وهو يحسن الكتابة دفع إليه عشرة غلمان من غلمان المدينة ليعلّمهم الكتابة فإذا تعلّموا كان ذلك فداء ) (٢).
__________________
(١) الشاهنامة للفردوسيّ ٦ : ٢٥٧ ـ ٢٦٠.
(٢) السيرة الحلبيّة ٢ : ٢٠٤.