على الله بما هو أهله ثمّ قال :
( أمّا بعد فنحن أنصار الله وكتيبة الإسلام وأنتم يا معشر المهاجرين رهط منّا ، وقد دفّت دافّة من قومكم ( أي جاء جماعة ببطء ) وإذا هم يريدون أن يحتازونا ( أي يدفعوننا ) من أصلنا ، ويغصبونا الأمر ).
... فقام أبو بكر وقال :
( أمّا ما ذكرتم فيكم من خير فأنتم له أهل ، ولن تعرف العرب هذا الأمر ( أي الزعامة ) إلاّ لهذا الحيّ من قريش ، هم أوسط العرب نسباً وداراً ، وقد رضيت لكم أحد هذين الرجلين فبايعوا أيّهما شئتم ) وأخذ بيدي وبيد أبي عبيدة بن الجّراح :
ثمّ قام وقال قائل من الأنصار ( أنا جذيلها المحكّك ، وعذيلها المرجّب ، منّا أمير ومنكم أمير يا معشر قريش ).
قال عمر بن الخطاب : ( فكثر اللغط ( أي اختلاف الأصوات ودخول بعضها على بعض ) ، وارتفعت الأصوات حتّى تخوّفت الاختلاف ) (١).
ولم يقتصر اختلاف الاُمّة على هذا الذي ذكرناه ، بل ظهرت مظاهر التشتت القبليّ حتّى بعد ما جرى في السقيفة من بيعة من فيها لأبي بكر ، حيث راح المهاجرون والأنصار يتهاجون فيما بينهم ، وجرت بينهم مشادات كلاميّة وشعريّة هجائيّة ، هاجم فيها كلّ فريق الفريق الآخر بأشدّ أنواع الهجاء نقلها المؤرّخون ونذكر منها شيئاً :
فقد جاء في شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد نقلاً عن كتاب الموفّقيّات : لمّا بويع أبو بكر ... وراح أبو سفيان بن حرب يدّعي الفضل لقريش ويذكر اُموراً في هذا المجال ، قال حسّان بن ثابت :
تنادى سهيل وابن حرب وحارث |
|
وعكرمة الشاني لنا ابن أبي جهل |
قتلنا أباه وانتزعنا سلاحه |
|
فأصبح بالبطحا أذلّ من النعل |
__________________
(١) السيرة النبويّة لابن هشام ٢ : ٦٥٩ ـ ٦٦٠.