ألا قل لأوس إذا جئتها |
|
وقل إذا ما جئت للخزرج |
تمنّيتم الملك في يثرب |
|
فأنزلت القدر لم تنضج |
إلى آخر الأبيات.
فلمّا بلغ الأنصار مقالته وشعره ، بعثوا إليه لسانهم وشاعرهم النعمان بن العجلان فقال لعمرو وهو في جماعة من قريش : ( والله يا عمرو ما كرهتم من حربنا إلاّ ما كرهنا من حربكم ، وما كان اللّهليخرجكم من الإسلام بمن أدخلكم فيه ، إن كان النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم قال : « الأئمّة من قريش » فقد قال : « لو سلك النّاس شعباً وسلك الأنصار شعباً لسلكت شعب الأنصار » فأمّا المهاجرون والأنصار فلا فرق بينهم ، ولكنّك وترت بني عبد مناف بمسيرك إلى الحبشة ، لقتل جعفر وأصحابه ، ووترت بني مخزوم بإهلاك عمارة بن الوليد ).
ثمّ أنشد أبياتاً يمتدح فيها قومه الأنصار ويهجو المهاجرين.
فلمّا انتهى شعر النعمان وكلامه إلى قريش غضب كثير منهم.
وقد طالت المماحكات والمشاجرات الكلاميّة وطال التهاجي الحاد بين الصحابة ... حتّى قال أحدهم :
أيال قريش أصلحوا ذات بيننا |
|
وبينكم قد طال حبل التماحك |
فلا خير فيكم بعدنا فارفقوا بنا |
|
ولا خير فينا بعد فهر بن مالك |
فلا تذكروا ما كان منّا ومنكم |
|
ففي ذكر ما قد كان مشيُ التساوك (١) |
إنّ ما نقلناه لك هنا ، هو غيض من فيض ممّا جرى بين صحابة الرسولصلىاللهعليهوآلهوسلم من المنازعات والاختلافات في مسألة القيادة ، فهل كان يجوز ترك مثل هذا المجتمع غير المتّفق في تطلعاته وآرائه دون نصب قائد يكون نصبه قاطعاً لدابر الاختلاف ومانعاً من مأساة التمزّق والتقاطع والفرقة ؟.
* * *
__________________
(١) شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد ٦ : ١٧ ـ ٣٨ ( طبعة مصر ).