آمن معه أن يرجعوا وكان / للسحرة ثلاثة رؤساء.
وقيل : اثنان وسبعون رأسا ، ونزل جبريل على موسى عليهماالسلام فقال : لا تخف إنك أنت الأعلى ، وألق ما في يمينك تلقف ما صنعوا ، وعند ذلك طمع في إيمان الناس به ، وفي سلامة من آمن معه.
ثم أنه اجتمع على أعضاء السحرة وأسرّ إليهم : قد رأيت ما صنعتم ، فإن أبطلته وقهرتكم تؤمنوا بالله؟
قالوا : نشهد لنفعلن.
فرآه فرعون وهو يشاورهم ، فهم بتعجيل إتلافهم ثم أنه توقف ليقف على حقيقة أمرهم. وكان على موسى وأخيه عليهماالسلام درّاعتان من صوف ، وقد احتزما بحبل من الليف ، وبيده عصى فسمى الله تعالى ولوحها فحلقت في الجو. ورفعها جبريل عليهالسلام حتى غابت عن عيونهم.
ثم أقبلت في صورة ثعبان عظيم عيناه تتوقد نارا ، وهما كالرستين العظيمين يصعد من فيه ومنخريه نارا كالجراب ، وهو يزبد ، فلا يقع زبده على شيء إلا أبرصه ، ومنه برصت بنت فرعون ، وهو فاغر فاه فألقت السحرة جميع ما صنعوا.
فأقبلت العصا ، فالتقفت (١) الجميع ، ثم التقفت على غير ما ألقوا وكانوا قد هيأوا مائتي مركب مملوءة حبالا وعصيا ، فابتلعت الجميع بمراكبها وملاحيها. وكان قريبا من قصره عمد وحجارة برسم العمارة فابتلعتها جميعها.
كل ذلك وفرعون ينظر وقد لحقه من الخوف والفزع ما أشغله عن النظر. ثم أقبل الثعبان على القصر ، وكان فرعون في قبة له على جانب القصر يشرف منها على القبة ، وقد احترقت مواضع من قصره بالنار الملتهبة من فم الثعبان فعند ذلك استغاث فرعون بموسى عليهالسلام. فزجر موسى الثعبان ، فكفّ عن القصر والتفت على الناس ليبتلعهم ، فتهاربوا وأسقطوا على وجوههم ، فمسكه موسى عليهالسلام فعاد في يده عصا وزال ذلك الأمر المهول.
ورأى الناس بعضهم بعضا ، وتفقدوا مراكبهم / وعمدهم ، فلم يجدوا لها أثر ، وعلموا أن العصى تلقفت الجميع ، فرجعوا إلى أنفسهم ، وقالوا : ليس هذا من فعل الآدميين ، إنما هذا من فعل ملك جبار ، قادر على الأشياء وخالقها وصانعها ، فقال لهم موسى : أوفوا بعهدكم أو أسلطها عليكم ، فتبتلعكم كما ابتلعت غيركم ، فتصيروا إلى النار.
__________________
(١) في المخطوط : فالتققت ، وهو تحريف.