فقلت له : من أنت؟
فأجابني بهذه الأبيات :
أنا الزاغ بن عجوة |
|
أنا ابن الليث واللبوة |
أحب الراح والريحان |
|
/ والنشوة والقهوة |
ولي أشياء تستظرف |
|
ليوم العرس والدعوة |
فلا عدوي يخشاني |
|
ولا يحذر لي سطوة |
وإني أحدب فاني |
|
وفي الحدبان لي نخوة |
وإني خلقة الباري |
|
تعالى الله ذو القوة |
فلما فرغ من إنشاده قال : أنشدني كما أنشدتك ، وأسمعني كما أسمعتك. فأنشدته :
قولوا لأقمار بخلن |
|
على المعنّى بالطلوع |
ما جنّ ليلي بعدكم |
|
إلا تسلسل بالدموع |
فلما سمع مقالي صاح : زاغ ، زاغ ، زاغ ، ثم طار حتى سقف الدار ، ثم عاد إلى مكانه وسقط في القمطرة.
فقلت : يا مولانا ، وكأنه عاشق؟
فخرج من القمطرة ، وقال : نعم ، والله عاشق ومفارق ، وغريب عن وطنه ، ولا أدري ما يفعل بي.
ثم أنشد ارتجالا :
غريب عن الأوطان في أهل عاشق (١) |
|
قدمت إلى أرض وإني خائف |
ولست أدري ما بأبي الله صانع |
|
وعقلي وأحشائي مع القلب راجع |
ثم عاد لمكانه وسكت.
فقلت : ما هذا العجيب؟ ومن أين أتى؟
فقال (٢) : صاحب اليمن أرسل لعبد الله المأمون هدية عظيمة ، وهذا من جملتها.
فأخرج رأسه من القمطرة وقال : يا هذا ، إني أعجب ما في الهدية.
فقلت له : صدقت. فعاد لمكانه.
__________________
(١) في المخطوط : العاشق ، والتصويب من فوق الكلمة بالمخطوط ، وبقلم الناسخ.
(٢) في المخطوط : فعال ، وهو تحريف.